الملامح العامة لأداء الاقتصاد الإيراني
تطور العقوبات الاقتصادية على إيران
العلاقات الاقتصادية الإيرانية العربية
في خطوة غير مسبوقة في تاريخ الحياة السياسية المصرية، حظيت انتخابات الرئاسة في عام 2005 بخضوع منصب الرئيس للانتخابات، ووجود أكثر من مرشح، قدموا برامج انتخابية للرأي العام، وبعد فوز الرئيس مبارك بهذه الانتخابات، أصبح برنامجه الانتخابي قيد التنفيذ، ونظرًا لأنه لم يبق إلا عام على انتهاء فترة البرنامج، فحري بنا أن ننظر إلى طبيعة هذا الأداء، وماذا تحقق، وما هو المردود لما نفذ من هذا البرنامج على الاقتصاد المصري، وعلى القطاعات والفئات المستهدفة من البرنامج الرئاسي.
"
الأسواق تشهد دوامات متتالية من زيادة أسعار السلع الأساسية سواء كان ذلك بسبب عوامل داخلية أو خارجية مما أربك ميزانية الأسرة المصرية،"
المفترض بعد مضي 5 سنوات من تنفيذ البرنامج الانتخابي للرئيس مبارك، أن تكون هناك نقلة نوعية في أداء الاقتصاد المصري، تكسبه قدرة أكبر على مواجهة الأزمات الداخلية والخارجية، ولكن الواقع يشهد بأن الاقتصاد المصري ظل على أدائه دون وجود هذه النقلة، ومن مظاهر ذلك الآتي:
• أن الأسواق تشهد دوامات متتالية من زيادة أسعار السلع الأساسية، سواء كان ذلك بسبب عوامل داخلية أو خارجية، مما أربك ميزانية الأسرة المصرية، وخاصة الفقراء ومحدودي الدخل، بل والطبقة المتوسطة، حدث ذلك في أسعار الخضروات واللحوم والحبوب، وحاليًا السكر. وفي كل مرة تتحمل الموازنة العامة للدولة مبالغ إضافية نتيجة تقديم الدولة لبعض الدعم للسلع الأساسية، ولهذا مردوده المعروف من زيادة عجز الموازنة العامة للدولة، والدين العام المحلي.
• على الرغم من إعلان البرنامج التركيز على خلق فرص العمل، وتطوير الصناعات المصرية التقليدية، فإن دراسة البنك الدولي الصادرة في أكتوبر/تشرين الأول 2010 أشارت إلى أن النمو الاقتصادي في مصر خلال الفترة الماضية اعتمد على رأس المال في الغالب، بينما اعتمد على عنصر العمل بنسبة 30% فقط، وهو ما سيعمق الآثار السلبية للأزمة المالية العالمية بالنسبة لمصر على مدار العقدين القادمين. وطالبت هذه الدراسة بإعادة هيكلة النمو في مصر ليركز على عنصر العمل وزيادة الإنتاجية.
• العجز القائم في الميزان التجاري لمصر يصل -من واقع بيانات البنك المركزي المصري- لنحو 25 مليار دولار، وهو الأمر الذي يزيد اعتماد مصر على الخارج، وعجز الميزان التجاري لمصر قضية مزمنة، على الرغم من تركيز البرنامج على توجه مصر لتعميق علاقاتها الاقتصادية عربيًا وأفريقيًا ودوليًا.
• تحسن بعض المؤشرات الاقتصادية للاقتصاد المصري، مثل معدلات النمو الاقتصادي أو زيادة الناتج المحلي، أو انخفاض نسبة الدين المحلي إلى الناتج المحلي، أو متوسط دخل الفرد، ليس لها مردود على أوضاع الفقراء والشرائح الدنيا من الطبقة المتوسطة.
استهدف البرنامج في مجال التشغيل -تحت عنوان "شبابنا يعمل"- توفير 4.5 ملايين فرصة عمل على مدار 6 سنوات، أي في المتوسط 750 ألف فرصة عمل سنويًا.
ومن المفترض بعد مضي 5 سنوات من تنفيذ البرنامج أن تكون أتيحت 3.750 ملايين فرصة عمل بالسوق المصري، ومن خلال بيانات تقارير المتابعة لخطة التنمية للدولة، الصادرة عن وزارة التنمية الاقتصادية، أو إحصاءاتها تحت عنوان "25 عامًا من التنمية"، نجد أن هذا المتوسط لم يتحقق على مدار السنوات الخمس الماضية.
فحسب نصيب السنوات من حيث التشغيل كان عام 2007/2008 هو الأوفر حظًا، حيث تحقق 690 ألف فرصة عمل، بينما كان عام 2008/2009 الأقل من حيث فرص العمل، حيث توفر 457 ألف فرصة عمل، وبلغت فرص العمل على مدار السنوات الخمس مليونين و758 ألف فرصة عمل، أي ما يعادل نسبة 74.2% من المستهدف وهو 3.750 مليون فرصة عمل.
"
يشير تقرير لمنظمة الأمم المتحدة حول تحقيق مصر للأهداف الإنمائية للألفية، إلى أن 75% من فرص العمل التي تم توفيرها في مصر خلال الفترة (1998–2008) تتسم بانخفاض الدخل وعدم الإنتاجية، لكونها تأتي من خلال القطاع غير المنظم،"
أما من حيث نوعية فرص العمل، فنجد أن الصندوق الاجتماعي للتنمية يوفر من 260 ألف فرصة عمل إلى 300 ألف فرصة، ولا غبار على ذلك، ولكن الملاحظة أن نحو 80% من هذه الفرص أو يزيد، في قطاع المشروعات متناهية الصغر، والدلالات الإحصائية هنا لا تعكس حقيقة وواقع هذه القروض الممنوحة للمشروعات متناهية الصغر، فهي في جزء كبير منها بمثابة توفير سيولة نقدية للفقراء ومتوسطي الحال لقضاء احتياجاتهم الحياتية، دون الدخول في مشروعات حقيقية، وتهتم الجمعيات القائمة على هذا النشاط فقط باستكمال الأوراق الخاصة بالقروض، وانتظام العملاء في الدفع.
فضلًا عن أن المقترضين يدفعون فوائد مرتفعة تصل إلى 15% على قروض لمدة 6 أشهر، أو 10 أشهر، في حين أن الفوائد على قروض البنوك لا تزيد عن 8.5%.
ويشير تقرير لمنظمة الأمم المتحدة حول تحقيق مصر للأهداف الإنمائية للألفية، إلى أن 75% من فرص العمل التي تم توفيرها في مصر خلال الفترة (1998–2008) تتسم بانخفاض الدخل وعدم الإنتاجية، لكونها تأتي من خلال القطاع غير المنظم، كما أن 37% من هذه العمالة، هي عمالة موسمية، أي أنهم معرضون بشكل كبير للوقوع تحت خط الفقر.
وبما أن البرنامج استهدف تشغيل الشباب، فإن تقرير التنمية البشرية لمصر 2010 أشار إلى وجود نسبة 17% في الفئة العمرية (18-29 سنة) من العاطلين، كما أن نسبة الراغبين في الهجرة بين هؤلاء الشباب تصل إلى 28%. والملاحظة الأهم هنا هي أن البرنامج لم يضف جديدًا في مجال التشغيل، فنفس المعدلات المتحققة في ظل البرنامج هي المتحققة في الفترة السابفة له.
أتى ضمن برنامج الرئيس، وتحت عنوان "تأمين اليوم وغدًا"، أنه ستتم زيادة الأجور للعاملين في الحكومة والقطاع العام بنسبة 100% على مدار 6 سنوات.
ومن خلال متابعة الموازنة العامة للدولة على مدار السنوات الماضية، تبين أنه توجد زيادة سنوية للعاملين في الجهاز الحكومي والقطاع العام والهيئات الاقتصادية، بمعدل 10% سنويًا، بموجب قانون الموازنة العامة للدولة، الذي يقر سنويًا من قبل مجلس الشعب، ويبلغ عدد هؤلاء العاملين 6.1 ملايين عامل.
وقد أشارت دراسة حديثة (أكتوبر/تشرين الأول 2010) لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، إلى أن الحد الأدنى للأجور الذي حدد بـ35 جنيهًا شهريًا، لم تتم مراجعته منذ عام 1984 وحتى الآن، على الرغم من حكم القضاء الإداري الصادر في 2010 بإلزام الحكومة بالإعلان عن الحد الأدنى للأجور، كما أشارت الدراسة إلى أن متوسط الحد الأدنى الفعلي للأجور، شاملًا المكافآت في يوليو/تموز 2008 يصل إلى 394 جنيها.
وتظل لعبة الأرقام في قضية الأجور قائمة، طالما أن المسألة معكوسة في هيكل الأجور، فالرواتب الأساسية التي تتم عليها الزيادة السنوية بمعدل 10%، تمثل 30% فقط من الأجور التي يحصل عليها العاملون، والباقي يمثل المكافآت والمزايا الوظيفية، ومن هنا فالزيادات في حياة الموظفين الحكوميين غير ملموسة، وبالتالي فزيادة الأجور الأساسية للعاملين في الدولة على مدار 5 سنوات لا تعد هدفًا يحدث طفرة في معيشة هؤلاء الموظفين، ولا تتناسب بحال مع معدلات التضخم في مصر.
وثمة أمر مهم وهو التفاوت الكبير في الأجور داخل الجهاز الإداري والمؤسسات الحكومية، إذ ترصد دراسة للدكتور سمير رضوان بعنوان "سياسة الأجور في مصر" هذا التفاوت، ليصل إلى 30 ضعفا بين المتوسط الأدنى والأعلى للأجور الشهرية، ففي وزارة الأوقاف يبلغ المتوسط الشهري للأجور 250 جنيها، بينما في وزارة قطاع الأعمال العام يصل هذا المتوسط إلى 7159 جنيها.
وقد شهدت مصر على مدار السنوات الخمس الماضية أكبر عدد في تاريخها من الاحتجاجات العمالية، لتدني الأجور، وضد الإجراءات التعسفية بفصل العمال وتصفية الشركات، من قبل المستثمرين الذين اشتروا مشروعات قطاع الأعمال العام.
"
الرواتب الأساسية التي تتم عليها الزيادة السنوية بمعدل 10%، تمثل 30% فقط من الأجور التي يحصل عليها العاملون، والباقي يمثل المكافآت والمزايا الوظيفية."
استهدف برنامج الرئيس مبارك إقامة نصف مليون وحدة سكانية للشباب، على مدار 6 سنوات، بواقع 85 ألف وحدة سنويًا، بمساحة 70 مترا، وبتكلفة 50 ألف جنيه، يدفع الشاب 5 آلاف جنيه مقدما، ويستفيد بدعم 15 ألف جنيه، ويدفع قسطا شهريا قدره 160 جنيها فقط لاغير.
وحسب البيانات المنشورة على موقع وزارة الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية، فإن ما تم تسليمه للمواطنين، وما كان جاريا تسليمه حتى يونيو/حزيران 2010 بلغ 287722 وحدة سكانية، تمثل نحو 57% من إجمالي المشروع، وتشمل هذه الوحدات مشروعات (التمليك، ابن بيتك، بيت العائلة، الأولى بالرعاية، القرى الأكثر فقرًا، الإيجار، البيت الريفي). بينما هناك 217290 وحدة سكانية تحت التنفيذ.
وتشير الدراسات المعنية بتقويم البرنامج القومي للإسكان، إلى أن الدولة قدمت الدعم لشركات القطاع الخاص وليس للشباب، أو الفقراء، أو محدودي الدخل، حيث أعطت الدولة الأرض للشركات بسعر 400 جنيه للمتر، وتقوم الشركات ببيع الوحدة السكانية بسعر يتراوح ما بين 100 ألف جنيه و130 ألف جنيه، وفي ظل هذه الأسعار فإن وحدات الفقراء ومحدودي الدخل سوف تصل للأسر متوسطة الدخل لتجمدها في صورة وحدات شاغرة، بغرض الاستعمال في المستقبل أو لسكن الأبناء أو لحماية المدخرات من التضخم، وفي النهاية لا يكون أمام الفقير سوى السكن في المناطق العشوائية.
استهدف البرنامج استصلاح مليون فدان من الأراضي الصحراوية، وهو هدف يتناسب تمامًا مع احتياجات مصر، في ظل الاعتداء المستمر على الأراضي الزراعية القديمة في الوادي، ومع مشكلات مصر في توفير بعض السلع الزراعية الإستراتيجية.
ولكن تقرير البنك المركزي المصري لعام 2008/2009 يشير إلى أن صادرات مصر من المواد الغذائية بلغت 0.9 مليار دولار بينما الواردات الغذائية بلغت 3.6 مليارات دولار، وبلغت صادرات مصر من الحبوب 0.2 مليار دولار بينما واردات مصر من الحبوب بلغت 2.3 مليار دولار، وحتى القطن والنسيج يشير التقرير إلى وجود عجز في ميزانهما التجاري، فالصادرات المصرية منهما بلغت 1.6 مليار دولار، بينما الواردات بلغت 1.8 مليار دولار، وهو ما يعني وجود عجز تجاري لمصر مع العالم الخارجي في كافة مكونات الملف الزراعي.
ومن جانب آخر فتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات عن الأراضي الصحراوية التي تم التعاقد على استصلاحها كأراض زراعية أوضح أنه تم تحويل جزء كبير منها إلى منتجعات سكانية، وذكر على سبيل المثال الأراضي الواقعة على طريق مصر الإسكندرية الصحراوي بمساحة نحو 20 ألف فدان، أو أراضي الشركة المصرية الكويتية بالعياط والبالغة مساحتها 26 ألف فدان.
وعلى الرغم من عدم وجود أرقام يمكن الاعتماد عليها لتقييم ما نُفذ من البرنامج في استصلاح الأراضي، فإن الاعتداء على الأراضي الزراعية القديمة لم يتوقف، وخاصة مع استغلال مواسم انتخابات مجلسيْ الشعب والشورى، أو المحليات، أو الانتخابات الرئاسية، حيث تتغاضى الحكومة عن مخالفات البناء على الأراضي الزراعية، بل تقوم بتوصيل المرافق للمنازل المخالفة بغية استرضائهم قبل الانتخابات.
"
تقرير البنك المركزي المصري يشير إلى أن الميزان التجاري لغالبية القطاعات الصناعية يعاني عجزًا لصالح العالم الخارجي."
استهدف البرنامج أيضًا إنشاء ألف مصنع كبير، وتصل تكلفة المصنع 15 مليون فأكثر، ومع نهاية يونيو/حزيران 2010، أشار تقرير متابعة الخطة العامة للدولة، إلى أن 744 مصنعا فقط بدأت الإنتاج حتى هذا التاريخ، وأن هناك توسعات أجريت في 523 من المصانع الأخرى القائمة، أي أن نسبة ما تم تنفيذه بالفعل في برنامج الرئيس قرابة 74%، إلا أن دراسة للأستاذ في جامعة الأزهر الدكتور سلامة عبد الحميد تشير إلى أن عدد المصانع التي دخلت الإنتاج بالفعل يقل عما هو معلن في تقرير المتابعة الصادر عن وزارة التنمية الاقتصادية، حيث يصل إلى 695 مصنعا فقط، وأن نسبة التنفيذ في حدود 70%.
وأيًا كانت النتائج فإن تقرير البنك المركزي المصري يشير إلى أن الميزان التجاري لغالبية القطاعات الصناعية يعاني عجزًا لصالح العالم الخارجي، فالواردات الخاصة بالصناعات الكيماوية بلغت في عام 2008/2009 ما قيمته 4.6 مليارات دولار، بينما الصادرات منها بلغت 2.2 مليار دولار، أي أن الواردات تزيد عن ضعف الصادرات، أما صادرات الآلات والأجهزة الكهربائية فبلغت مليار دولار، في حين بلغت الواردات منها 4.4 مليارات دولار، وكذلك المعادن بلغت الصادرات منها 2.1 مليار دولار، في حين بلغت الواردات منها 6 مليارات دولار، وفي المركبات ووسائل النقل بلغت الصادرات 1.1 مليار دولار، وبلغت الواردات منها 4.2 مليارات دولار، هذا فضلًا عن العديد من المشكلات التي تحد من تنافسية الصناعات المصرية محليًا ودوليًا.