أصبح مستقبل سعر صرف الجنيه موضوع حديث رجل الشارع في مصر خلال الأيام الماضية، وليس ذلك من قبيل الترف السياسي أو الثقافي، ولكنه وليد مخاوف تتصل بمعيشته وحدوث موجات تضخمية، سيما في ظل توقع بأن يشترط صندوق النقد الدولي خفض قيمة العملة الوطنية.
ولكن أيهما أفضل لمستقبل سعر صرف الجنيه، الحصول على قرض الصندوق أم رفضه؟ بعض الاقتصاديين يرى أن رفض القرض سيساعد على استقرار سعر الجنيه، في حين يذهب البعض الآخر إلى أن خفض قيمة العملة المحلية مسألة وقت، ولا تتعلق بقبول قرض النقد الدولي أو رفضه.
صندوق النقد لا يدعو للتخفيض الجزئي لسعر صرف العملات ولكنه يطالب بالتحرير الكامل، وهو الوضع الذي لا يتناسب مع طبيعة اقتصاد مصر حيث زادت فاتورة الواردات زيادة كبيرة منذ ثورة 25 يناير وفق ما يقول الباحث المصرفي أحمد أدم للجزيرة نت.
وأضاف أدم بأن فاتورة الواردات بالعام الأول للثورة 2010/2011 وصلت إلى 54.1 مليار دولار، بعد أن كانت 49 مليارا فترة 2009/2010، وقفزت العام الماضي 2011/2012 إلى 58.7 مليارا، وهو ما يعني وفق وجهة نظر آدم أن المواطن تعرض لموجات من التضخم المستورد نتيجة ارتفاع قيمة الواردات، وانخفاض قيمة الجنيه.
ويتوقع المتحدث أن تنخفض قيمة الجنيه لتتجاوز قيمة الدولار بنحو سبعة جنيهات إذا تم التوقيع على قرض النقد الدولي، مما يعنى تزايد الضغوط التضخمية على المصريين بصورة كبيرة، مما سيقابل برفض شعبي.
أما السيناريو الثاني والذي يفترض ألا يتم فيه رفض التوقيع على القرض فإن آدم يتوقع فيه حدوث استقرار لسعر الجنيه، وعدم تعرضه للانخفاض بسبب تدخل البنك المركزي غير المعلن.
ويؤكد آدم أن الملاحظ هو أن انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار يحدث كلما أتت بعثة لصندوق النقد للقاهرة، وفور مغادرتهم يحدث ارتفاع بقيمة العملة أو على الأقل استقرار سعرها أمام الدولار وباقي العملات الأجنبية الأخرى، ويرجع هذه الظاهرة إلى التدخل غير المعلن من قبل البنك المركزي في سعر الصرف.
وتتبنى الاقتصادية المصرفية بسنت فهمي وجهة نظر أخرى تختلف فيها مع آدم، وتقول "سواء قبلنا قرض الصندوق أم رفضناه فسيتعرض سعر الجنيه المصري للانخفاض بسبب المشكلات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد وبسبب السياسات الخاطئة التي اتبعها البنك المركزي".
فالواقع كما تبينه بسنت يظهر أن كل منتج مستورد أرخص من كل منتج محلي، وترجع ذلك إلى حالة التضخم التي يعاني منها المُصنع المصري وارتفاع تكلفة التمويل وعجزه عن التصدير، بسبب ضعف قدرته التنافسية لالداخل والخارج. ولذلك اتجه بعض المصنعين للتجارة بدلًا من التصنيع.
وتضيف بأن البنك المركزي أعلن أنه يستهدف التضخم منذ سنوات، في حين أن التضخم يأخذ مساره التصاعدي دون اعتبار لسياسات المركزي. وقد تسببت سياسات الأخير في ارتفاع معدلات البطالة، وتراجع معدلات الاستثمار.
وتطالب المتحدثة بوجود تنسيق بين السياسات النقدية والمالية والتجارية، حتى لا تقود سياسة واحدة دفة الاقتصاد دون اعتبار لمتطلبات السياسات الأخرى وتأثرها بصورة سلبية. وتؤكد أن الجنيه مقوم بزيادة قدرها نحو 40% من سعره الحقيقي.
ولكن بسنت تطالب بألا يتم تخفيض قيمة الجنيه دفعة واحدة كما حدث من قبل في يناير/كانون الثاني 2003، ولكن المطلوب التخفيض بصورة تدريجية، للمحافظة على مصالح الطبقات الفقيرة التي ستتضرر جراء خفض قيمة الجنيه، وتعويضهم من خلال إصلاح منظومة الدعم، بحيث يكون الدعم للفقراءلا الأغنياء.
وتشدد الاقتصادية على ضرورة مواجهة الحكومة بشكل جاد للفساد بأروقة الجهاز الحكومي، فضلا عن أهمية وجود دعم حكومي لقطاعات الصناعة والزراعة والسياحة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.