فتحت قضايا الفساد التي يجري التحقيق بشأنها في مصر حاليا, الباب على مصراعيه لجدل متزايد بشأن سعي بعض رجال الأعمال المتورطين في تلك القضايا لدفع تعويضات للدولة والتنازل عن بعض العقارات والأراضي لصالح مشروعات الشباب أو الدواوين الحكومية, مقابل إغلاق تلك الملفات وإبراء ساحتهم.
وبينما استحسنت بعض التيارات تلك العروض, ذهب آخرون إلى ضرورة إعمال القانون والتمسك بحق المجتمع في عقاب الفاسدين وفي الوقت نفسه استرداد ما جمعه الفاسدون دون وجه حق.
ويرى مؤيدو الحصول على التعويضات أن الدولة مطالبة الآن بالعديد من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، وأن الحصول على هذه الأموال حاليًّا سيكون أفضل من استمرار الإجراءات القضائية والمحاكمات التي تأخذ بعض الوقت، وبذلك ربما لا تضطر الدولة للاقتراض من الداخل أو الخارج.
ويسوق أصحاب هذه الدعوة مبررات أخرى، منها أن "من يحاكمون الآن هم مجرد رموز الفساد، وأن هناك الكثيرين من الفاسدين بعيدا عن جهات التحقيق وأن فسادهم "مقنن" من خلال حرصهم على ما يحميهم من العقوبة".
كما يرى أصحاب هذا الرأي أن في الأمر توفيرا لوقت الجهاز القضائي الذي أرهق من كثرة قضايا الفساد.
أستاذة القانون بجامعة القاهرة فوزية عبد الستار تدعو إلى معاقبة الفاسدين وفق القانون، وترفض الحصول على بعض الأموال نظير إعفاء هؤلاء من العقوبة، بحجة أن البلد في حاجة إلى أموال"
في مقابل ذلك, تذهب أستاذة القانون بجامعة القاهرة فوزية عبد الستار إلى القول بأن الضرر الذي نال المجتمع المصري بالغ جدا، بسبب ممارسات الفساد التي مارسها رجال الأعمال والمسؤولون الحكوميون في السنوات السابقة.
وتدعو إلى معاقبة الفاسدين وفق القانون، وترفض الحصول على بعض الأموال نظير إعفاء هؤلاء من العقوبة، بحجة أن البلد في حاجة إلى أموال.
وترى أن "القبول بمبدأ أخذ أموال نظير الإعفاء من العقوبة يعني أن الجريمة تباع وتشترى، وهذا أمر خطير يهدد أمن المجتمع وسلامته، ويعرضه للفوضى، كما يتنافى مع الهدف من العقوبة، وهو الردع العام".
وتتوقع أن يؤدي القبول بذلك إلى تشجيع العديد من الأفراد على تقبل الجرائم طالما أن ملاءتهم المالية تسمح بذلك".
وترد فوزية عبد الستار على مسألة الحصول على أموال الفاسدين لصالح الدولة، نظير إغلاق ملفات فسادهم، بأنه "في حالة إدانة هؤلاء الفاسدين بموجب أحكام قضائية نهائية، فإنهم مطالبون برد ما أخذوه من أموال، مع تطبيق العقوبة الجنائية عليهم بحرمانهم من حريتهم وبقائهم في السجون، فتطبيق العقوبة الجنائية لا يعفيهم من رد ما أخذوه من أموال".
وهذا الرفض أيده أيضا المواطن فتحي عبد ربه مشددا على ضرورة رفض أي أموال نظير التنازل عن قضايا الفساد، وقال إن فساد هؤلاء الناس "كان مركبًا بحيث لا يمكن الفصل بين أصل رأس المال وبين ما حصل عليه الفاسدون.
وأضاف "معظم أموالهم أتت من السطو والنهب للمال العام، فضلا عن مساهمتهم في استبداد نظام مبارك، ورعاية البلطجية".
من زاوية أخرى, يرى السفير عادل الصفطي مساعد وزير الخارجية الأسبق أنه "تجب التفرقة بين حالتين، الأولى فرد أو مؤسسة وجد أراضي أو بعض الأصول العامة معروضة بسعر رخيص، فقام بشرائها دون أن يقدم رشوة أو يمارس فسادا، فهذا يمكن التسامح معه على أن يرد فارق السعر للدولة".
أما الحالة الثانية -يضيف الصفطي- فهي حالة "من قاموا بالحصول على أراضي وأصول الدولة بطرق ملتوية، وأفسدوا النظام الحكومي، وساعدوا على إفساد المجتمع بهذه الممارسات، فيجب عدم التسامح معهم". وقال "إذا أدينوا تطبق العقوبات, وترد الأموال مهما كان حجمها أو قدرها".