في ظل الأجواء السياسية والاقتصادية الجديدة التي تعيشها مصر بعد ثورة 25 يناير، طرح في مجلس الشعب (البرلمان) مقترح يدعو لمأسسة الزكاة عن طريق إنشاء مصلحة للزكاة تتبع للحكومة تكون مهمتها جمع الزكاة ودفعها لمستحقيها حسب الشرع بما يخدم المجتمع والمواطنين.
وحسب المقترح الذي تقدم به النائب محمد عبد الحميد الفقي فإن المصلحة ستكون جزءا من وزارة المالية، وأن تدرج موارد المصلحة في إيرادات الخزانة العامة للدولة.
وأوضح الفقي -وهو نائب حزب الوفد عن محافظة الغربية- للجزيرة نت أن عوائد الزكاة في مصر تقدر بعشرات المليارات، وتصرف بشكل عشوائي مما يقلل من الاستفادة المرجوة منها للفقراء والمحتاجين.
ووفقا للمشروع المقترح -الذي حصلت الجزيرة نت على نسخة منه- فإن المصلحة المقترحة للزكاة تمكن الدولة من القيام بدور جمع الزكاة وإنفاقها في مصارفها الشرعية.
ويذهب مشروع القانون إلى أن الزكاة لا تتعارض مع الضرائب، وأن ما يدفعه المزكي يخصم من وعائه الضريبي، مبينا أن الزكاة سوف تحصل على أموال معفاة من الضرائب مثل (ودائع البنوك، وأرباح بيع الأسهم بالبورصة، وأذون الخزانة، وبيع الأراضي والعقارات غير المسجلة، ومقتنيات ذهبية بغرض الادخار لدى الأفراد).
ويبرر مشروع القانون وجود هذه المصلحة لاعتبارات مالية وشرعية، منها أن الأفراد يسعون بأنفسهم لدفع الزكاة ولا يجبرهم على ذلك أحد، ولذلك فمشروع القانون يجعل جمع الزكاة اختياريا لمن أراد من الأفراد.
ويراهن النائب الفقي على الثمرة التي ستؤدي إليها مصلحة الزكاة لكي تكون حافزا لاستمرار دفع المزكين لأموالهم للمصلحة، أما الاعتبار المالي فهو وجود العجز الحاد والدائم بالموازنة العامة للدولة، ونقص الموارد المحلية وزيادة حجم الدين العام لمصر.
ويرى النائب الفقي من خلال مشروعه بأن الزكاة مأمور بها في جميع الأديان، وبالتالي فلا مانع من تحصيلها من المسلمين والمسيحيين، على أن يكون ذلك اختياريا لكل المصريين بغض النظر عن كونهم مسلمين أو مسيحيين.
وأشار مشروع القانون إلى نوعية المشروعات التي ستنفق فيها إيرادات مصلحة الزكاة، وهي معاشات الضمان الاجتماعي التي تغطي نحو 1.5 مليون أسرة مصرية، والفقراء وعلاج المرضى، وإنشاء المدارس والمستشفيات العامة، وتوفير فرص عمل للعاطلين من الشباب، وتقديم الدعم للشباب للزواج والحصول على سكن، وجميع الخدمات العامة.
ويركز مشروع القانون على تخصيص جزء من إيرادات الزكاة بكل محافظة لينفق على مشروعاتها المحلية، حتى يلمس المزكين عائدًا لزكاتهم على من حولهم.
وعن كيفية إدارة المصلحة يشير المشروع إلى أن رئيس المصلحة يعين بقرار من رئيس الوزراء، أما مجلس إدارتها فيصدر به قرار من وزير المالية، على أن يضم ممثلين من وزارات (المالية، والتضامن الاجتماعي، والصحة، والاستثمار، والأوقاف، والتنمية المحلية، والإسكان، والتخطيط، والزراعة)، ويُعين مجلس الإدارة هيئة شرعية.
"
يُلزم المشروع مصلحة الزكاة -التي يدعو لإنشائها- بإعداد ميزانية سنوية، وكذلك ميزانية كل ثلاثة أشهر، على أن تنشر هذه الميزانيات في الجرائد القومية، وتتم الإشارة إلى المشروعات التي تم تنفيذها
"
يُلزم المشروع مصلحة الزكاة -التي يدعو لإنشائها- بإعداد ميزانية سنوية، وكذلك ميزانية كل ثلاثة أشهر، على أن تنشر هذه الميزانيات في الجرائد القومية، وتتم الإشارة إلى المشروعات التي تم تنفيذها.
كما يطالب بأن تخضع مصلحة الزكاة لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، باعتباره المراقب على المال العام، وبما يضمن خضوع أموال المصلحة للأهداف التي أنشئت من أجلها.
الجدير بالذكر أن أموال الزكاة تحظى باهتمام بحثي أكاديمي وتطبيقي على مدار السنوات الماضية، وتخلص هذه الدراسات إلى ضرورة وجود دور تنموي لهذه الأموال، وأن ترتبط بالخطة العامة للدولة، وضرورة أن تدار من خلال مؤسسة مركزية.
وقد أشارت بيانات مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار -التابع لمجلس الوزراء- إلى أن العطاء الخيري في مصر يقدر بنحو 4.5 مليارات جنيه سنويا، إلا أن تقديرات أخرى تصل إلى نحو 17 مليار جنيه.