ثمة مجموعة من المؤشرات الاقتصادية السلبية تنشرها المواقع الرسمية المصرية، وعلى رأسها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
فالتضخم بنهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وصل إلى 14.2% على أساس سنوي، كما ارتفعت معدلات البطالة خلال عام 2013 لتصل إلى 13.25%، وصاحب ذلك ارتفاع معدلات الفقر لتصل إلى نسبة 26% من السكان.
وبسبب الأوضاع السياسية السائدة منذ يوليو/تموز 2013 تراجعت أعداد السائحين بنسبة 52%، بحسب إحصاءات أكتوبر/تشرين الأول 2013.
ولكل من هذه المؤشرات دلالاته السلبية على الحياة الاقتصادية للمواطنين، الذي كانوا ينتظرون أن تتحسن أحوالهم بعد انقلاب 3 يوليو/تموز الماضي.
رضا، أبٌ لطفلين وحاصل على مؤهل متوسط، لكنه لا يجد فرصة عمل فيجلس على الرصيف بمنطقة المهندسين، ضمن مجموعة من العمالة اليومية.
صرح رضا للجزيرة نت بأنه قد يعمل ليوم واحد، وقد لا يجد العمل أسبوعا كاملا لأن العمالة كثيرة. وبسؤال رضا عن الوظيفة التي ينتظرها أجاب "أنا رب أسرة وأريد أن يكون لي دخل منتظم أضمن به الاستقرار لأسرتي".
الخبيرة الاقتصادية بسنت فهمي نائبة رئيس حزب الدستور صرحت للجزيرة نت بأنه إذا كانت هناك مؤشرات سلبية فهناك أيضًا مؤشرات إيجابية، منها تقييم مؤسسة "فيتش" الأخير الذي أكد على وصف حالة الاقتصاد المصري بأنها مستقرة، وكذلك زيادة معدلات النمو بالناتج المحلي الإجمالي من 1.8% إلى 2.3% خلال النصف الأخير من عام 2013، وأيضًا المشروعات الكثيرة التي بدأت فيها الحكومة بالبنية الأساسية، من خلال حزمتي التحفيز، ومشروع تطوير العشوائيات الذي تبنته القوات المسلحة.
كل هذه المشروعات من وجهة نظر بسنت فهمي من شأنها أن تغير من أداء المؤشرات السلبية المعلنة من جهاز الإحصاء، سواء للبطالة أو الفقر. وتتوقع بسنت هذا التحسن بنهاية الربع الأول من عام 2014.
وفسرت ارتفاع معدل التضخم نتيجة للحزم التحفيزية التي ضختها الحكومة في شرايين الاقتصاد المصري.
لكن بحسب رؤيتها، فهناك نتيجة إيجابية لهذه السياسة، وهو تخفيف معدلات البطالة. وتضيف بسنت أن الصندوق الاجتماعي أعلن عن تنفيذ مشروعات بنحو ثلاثمائة مليون دولار تستهدف المشروعات المتناهية الصغر، وهو ما يعني أن البطالة سوف تنخفض معدلاتها خلال الشهور القليلة الماضية.
كما تعول بسنت على أهمية إنجاز الدستور وانتخابات الرئاسة والبرلمان لما لها من مدلولات إيجابية على زيادة الثقة في الاقتصاد المصري، إلا أنها لا ترى أية مشكلة في تحرير سعر صرف الجنيه، وتؤكد على أن ذلك من صالح الصناعة المصرية، وترفض استخدام الاحتياطي النقدي في دعم الجنيه.
أما الخبير الاقتصادي أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات، أنور النقيب، فيرى أن الإحصاءات السلبية المشار إليها من التضخم والبطالة والفقر، هي نتيجة طبيعية لتزاوج التضخم والبطالة، فهذه ظاهرة سلبية انتابت الاقتصاد المصري نتيجة لتضارب السياسات النقدية والمالية.
ويؤكد النقيب للجزيرة نت على أن المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها مصر ليست هينة، وتحتاج إلى رؤية اقتصادية تختلف عن تلك التي تتبناها الحكومة الحالية، والتي تشعر بأنها حكومة غير دائمة، وبالتالي فهي تعتمد على سياسة تسيير الأمور يوما بيوم.
وحول رؤية النقيب لخروج مصر من دوامة هذه المشكلات الاقتصادية أجاب أن على السياسة أن تحل مشكلاتها بعيدًا عن الاقتصاد، وبالتالي لن يكون هناك أي تحريك للأوضاع الاقتصادية السلبية إلا بعد الوصول إلى مؤسسات الدولة مثل الرئيس والدستور والبرلمان، ودون ذلك ستكون هناك حالة من غياب الاستقرار في إدارة الدولة وغياب تحمل المسؤولية، لتبني برامج اقتصادية للتعامل مع هذه المشكلات.
وعن البعد الزمني الممكن اعتباره للتعامل إيجابي مع المشكلات الاقتصادية في مصر، استبعد النقيب وجود حلول في الأجل القصير، ولكن في الأمدين المتوسط والطويل يمكن الحديث عن بلورة رؤية يمكن الاعتماد عليها في هذا المضمار.