تفصح تصريحات وزراء مصريين في مناسبات مختلفة عن وجود أزمات عميقة تواجه الوضع الاقتصادي بالبلاد، وذلك رغم التأكيد المستمر للحكومة بشكل عام على أن الأوضاع تسير في طريق التحسن والاستقرار.
فبعد تصريحات وزير التجارة والصناعة منير فخري عبد النور منذ أسابيع حول الدين العام وتقييمه للوضع بأن مصر "أفلست ولا داعي للمزايدات"، صرح وزير الكهرباء والطاقة أحمد إمام لوسائل الإعلام مؤخرا بأن قطاع الكهرباء يعاني أزمة تمويل، وأن وزارته لا تدفع ثمن الوقود لوزارة البترول على مدار الأشهر الثلاثة الماضية.
وقدر إمام العجز في المتأخرات الخاصة بتحصيل فواتير استهلاك الكهرباء بنحو أربعة مليارات جنيه مصري (الدولار يعادل سبعة جنيهات)، وحذر من أن استمرار عجز التمويل من شأنه أن يؤدي إلى انهيار قطاع الكهرباء.
جدير بالذكر أن مصر تعاني من أزمة كهرباء في شهور الصيف من كل عام بسبب ارتفاع استهلاك الكهرباء في هذه الشهور.
ولكن على ما يبدو أن موجة البرد القارص هذا الشتاء أدت إلى زيادة معدلات الاستهلاك، إلى جانب أن شحنات مشتقات النفط المجانية التي قدمتها دول الخليج لمصر بعد الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز سوف تنتهي إمدادتها في نهاية الشهر الحالي، مما يعني عودة مصر لدفع ثمن جزء كبير من احتياجاتها النفطية المستوردة من الخارج.
من جانبها حذرت حركة اقتصاديون ضد الانقلاب عبر صفحتها على "فيسبوك" من أزمه شديدة متوقعة في قطاع الكهرباء نتيجة النقص في توفير الوقود.
وقالت -في بيانها- إن المحطات تعاني من نقص في الوقود، وإن وزارة الكهرباء ليس لديها السيولة الكافية لدفع المستحقات الواجبة عليها، وهو ما يعني عودة أزمات قطع التيار الكهربائي مرة أخرى وبشكل متكرر ولساعات أطول خاصة في المناطق الريفية.
وأضافت الحركة أن هناك نقصا في توفير أنبوبة البوتاجاز، وتوقعت الحركة حدوث أزمة في توفر المنتجات البترولية خاصة السولار بحلول الشهر القادم.
الخبير الاقتصادي فخري الفقي أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة صرح بأن مديونية استهلاك الكهرباء المتأخرة من وجهة نظره تتمثل بشكل كبير في المتأخرات الخاصة بالمؤسسات الحكومية وغير الحكومية، ويقدر الفقي متأخرات المؤسسات بنحو 75% من مبلغ الأربعة مليارات جنيه مصري.
ويضيف الفقي للجزيرة نت أن "استهلاك المؤسسات الحكومية مرتبط بقطاع الكهرباء، وقطاع الكهرباء مرتبط بقطاع البترول، وبالتالي نحن نتحدث عما يسمى بالأثر المتتابع، فتأخر المؤسسات الحكومية في دفع متأخرتها يؤثر على قطاع الكهرباء، وتأخر قطاع الكهرباء يؤثر في قطاع البترول وهكذا"، وطالب الفقي بفض هذه الاشتباكات المالية، وضرورة ترشيد استهلاك الكهرباء في المؤسسات الحكومية.
وبسؤال الفقي عن أهمية ترشيد دعم الطاقة الذي يصل لنحو 120 مليار جنيه مصري بالموازنة المصرية، أجاب بأن الحل هو الانتقال من الدعم العيني إلى الدعم النقدي، وأن يكون ذلك على مدار عشر سنوات، بحيث يمكن تفادي التأثير المفاجئ للانتقال بين النظامين.
أما أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة أحمد غنيم فيرى أن تصريحات وزير الكهرباء بمثابة رسالة "تلميحية" لإجراء إصلاحات يمكن أن تتم خلال المرحلة المقبلة، كتغيير أسعار شرائح استهلاك الكهرباء.
ويوضح غنيم في حديث للجزيرة نت أن وجود مشكلة في التمويل بالنسبة لقطاع الكهرباء ليست بالأمر الجديد. وبسؤال غنيم عن وجود أي علاقة بتصريحات الوزير وإمكانية تحريك دعم الطاقة، أجاب غنيم بأن دعم الطاقة تحصل عليه وزارة البترول وليس الكهرباء، وذلك ما ينفي وجود علاقة بين بين الأمرين.
وأشار إلى أن وزارة الكهرباء تحصل على الوقود من البترول عبر أسعار محددة شاملة الدعم الحكومي، مشددا على أن القضية تتعلق بتحصيل المتأخرات في استهلاك المشتركين بالكهرباء.
أما عن مسألة الدعم الخليجي في مجال الطاقة، فيرى غنيم أنه لا توجد بيانات توضح أيا من القطاعات استفاد من شحنات مشتقات النفط التي قدمتها دول الخليج لمصر خلال الفترة الماضية.