رغم التأثير السلبي للأزمة المالية على مصر تجد وسائل الدعاية والإعلان تطاردك في كل مكان، في الطرق، في الصحف، في الإذاعة، في محطات التلفزة والفضائيات، على بريدك الإلكتروني، وحتى من خلال الاتصال الشخصي عبر الهواتف المحمولة.
وقد اختلف تقييم الخبراء الذين التقتهم الجزيرة نت إزاء مدى تناسب هذا الحجم الكبير للدعاية والإعلان مع أداء الاقتصاد المصري في ظل الأزمة المالية العالمية.
يرى الدكتور طلعت أسعد –أستاذ التسويق والإعلان بجامعة القاهرة– أن ظاهرة الركود التي يعيشها الاقتصاد المصري غير ملموسة بشكل كبير، وأن حجم الدعاية والإعلان في مختلف المجالات طبيعي باستثناء مجال العقارات الذي يستحوذ على قرابة 90% من حجم الدعاية والإعلان في السوق المصري.
ويرجع ذلك إلى عدة أمور، منها الحاجز النفسي السلبي لدى المشترين تجاه شراء العقارات في ظل هذه الظروف، وكذلك تمتع شركات العقار بمعدلات سيولة عالية حققتها إبان الارتفاع غير المبرر للعقارات قبل وقوع الأزمة المالية العالمية وركود سوق العقار.
لذلك يقبل المعلنون على الإنفاق بسخاء على حملات الدعاية والإعلان أو معارض تسويق العقارات.
وتوقع أسعد أن تنتهي هذه الظاهرة بعد رمضان، فتكثيف الدعاية والإعلان في الفترة الماضية كان يستهدف المصريين العائدين من الخارج لقضاء إجازات الصيف ورمضان بمصر.
"
رغم الأحوال الاقتصادية السيئة بسبب الأزمة المالية العالمية، فإن سوق الإعلانات في مصر لم تتأثر بها كثيراً لطبيعة السلع المعلن عنها
"
سوق ضخموتقدر شيرين سلامة –أستاذة الإعلام بجامعة القاهرة– حجم سوق الإعلان في مصر بنحو ملياري جنيه مصري (360 مليون دولار) وتضيف أنه رغم الأحوال الاقتصادية السيئة بسبب الأزمة المالية العالمية، نجد أن سوق الإعلانات في مصر لم يتأثر بها كثيراً لطبيعة السلع المعلن عنها، ومنها السلع الغذائية والاتصالات والعقارات.
وتضيف أنه من المسلم به من خلال الدراسات أن المصريين ينفقون بشكل كبير على السلع الغذائية والاتصالات، وبالتالي فهذه الشركات لديها سيولة مرتفعة تمكنها من الإنفاق على الإعلانات, وترجع سلامة كثافة الإعلان عن السلع الغذائية أو الاتصالات إلى حالة المنافسة الشديدة بين السلع المتشابهة.
أما بالنسبة للإعلان عن العقارات فترى أنه موجه لشريحة معينة هي أصحاب الدخول المرتفعة، أو المقيمين بالخارج الذين تسمح دخولهم بدفع ثمن هذه الوحدات التي تتراوح قيمتها ما بين 350 ألف جنيه ومليوني جنيه (بين 63.2 ألفا و360 ألف دولار).
وتؤكد سلامة أن تنامي الإعلانات عن الإسكان الفاخر والسياحي يعكس مدى التشوه الذي يلم بطبيعة الاستثمار في مصر، وغياب المشروعات التي تساعد على خلق تنمية حقيقية.
"
تمثل الإيرادات الإعلانية التلفزيونية في شهر رمضان ما يتراوح بين 30 و35% من الإيرادات السنوية
"
من جهته أرجع أستاذ الدعاية والإعلان بجامعة القاهرة صفوت العالم حالة الرواج التي يعيشها سوق الدعاية والإعلان في مصر إلى استقبال شهر رمضان، مبيناً أن رمضان سوق دعائي وإعلاني مستقل عن باقي شهور السنة.
وأكد العالم أن كلفة البث التلفزيوني في رمضان ترتفع بنسبة تتراوح بين 150 و200% باعتبار أن المعلنين يدركون أن زيادة الاستهلاك في رمضان ترجع لمؤشر مركب "اجتماعي وسلوكي وديني".
وتمثل الإيرادات الإعلانية التلفزيونية في شهر رمضان ما بين 30 و35% من الإيرادات السنوية.
ويقيم العالم السوق الإعلانية والدعائية المصرية في المرتبة الثانية على مستوى المنطقة العربية بعد السعودية.
أما عن الوضع بخلاف رمضان فيرى أن حجم السوق الإعلانية المصرية طبيعي وغير مبالغ فيه، حيث تلمس التركيز على السلع الغذائية، وهي بطبيعتها سلع لا غنى عنها.