تحت عنوان "نحو اقتصاد أكثر شفافية في مصر" نظمت جامعة القاهرة بالتعاون مع جهات أخرى مؤتمرا اقتصاديا شارك فيه خبراء محليون ودوليون.
وفي كلمة له في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، اعتبر الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة جيمس راولي أن الاقتصاد المصري قد عانى مشكلات في الأجل القصير بعد ثورة 25 يناير، ولكن في الأجل المتوسط تدل المؤشرات على تحسن كبير في أداء الاقتصاد المصري.
وأوضح أن مصر تمتلك مقدرات تمكنها من الخروج من أزمتها الاقتصادية، ومن أبرز ذلك موقعها الجغرافي المتميز وقوته البشرية الكبيرة.
وأضاف راولي أن مصر ما بعد الثورة تواقة لتحقيق أهداف الثورة، وعلى رأسها العدالة الاجتماعية التي لن تتحقق دون مكافحة الفساد ومحاكمة المفسدين.
واعتبر أن من المبشرات أن البرلمان المصري الحالي قد أعلن تبنيه لمشروع قانون يتيح حرية تداول المعلومات، الذي من شأنه أن يعزز تحقيق الشفافية.
"
بيئة الفساد تتسبب في عدم استقرار مناخ الاستثمار، وانخفاض جودة الخدمات العامة، والحد من زيادة العوائد الضريبية، وعدم الثقة في منظومة القيم، وفقدان مفهوم القيمة تجاه العمل
"
من جهتها قالت أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة الدكتورة هالة السعيد إن هناك مجموعة من المشكلات تخلقها بيئة الفساد في الاقتصاد المصري، منها عدم استقرار مناخ الاستثمار، وانخفاض جودة الخدمات العامة، والحد من زيادة العوائد الضريبية، وعدم الثقة في منظومة القيم، وفقدان مفهوم القيمة تجاه العمل.
وأضافت أن الحديث عن الفساد لم يعد قاصرا على النخبة أو المثقفين ولكنه حديث رجل الشارع، الذي يدلل على شيوع الفساد في المجتمع المصري.
وذكرت أن ترتيب مصر على مؤشر مدركات الفساد لمنظمة الشفافية الدولية هو 112 من بين 180 دولة على مستوى العالم، وحصلت مصر على 2.9 درجة على هذا المؤشر في العام 2011، في حين كان ترتيبها عام 2010 هو 3.1 درجات، وهو ما يعني تراجع الشفافية بمصر. وطالبت السعيد بضرورة الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة لمكافحة الفساد، مثل سنغافورة التي استطاعت أن تتبوأ المرتبة الخامسة على مستوى العالم في الشفافية، وفق مؤشر مدركات الفساد.
وتحدثت أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة الدكتورة منال متولي للجزيرة نت عن أن ارتفاع معدلات الفساد بنحو 1% يقابله تراجع معدلات الاستثمار بنحو 11%، وبالتالي تزيد مشكلات البطالة والفقر وغيرها من القضايا الاقتصادية والاجتماعية. وتطالب منال بضرورة تفعيل دور المؤسسات الرقابية، ووجود إرادة سياسية قوية لمواجهة الفساد.
وأشارت الدكتورة غادة عبد الرازق -مستشارة بوزارة التنمية الإدارية- إلى أن مصر قد تبنت إستراتيجية لمواجهة الفساد في العام 2002 ولكنها ركزت فقط على الفساد الإداري، ولم يكتب لها النجاح بسبب غياب الإرادة السياسية لمكافحة الفساد، أو على الأقل المناخ غير المواتي سياسيا قبل ثورة 25 يناير.
"
للقضاء على الفساد لا بد من توافر الإرادة السياسية، وحوكمة القطاعات العامة، وإقرار مبدأ الشفافية وتعزيزه داخل مؤسسات الدولة، وتحسين أوضاع المواطنين الأسرية والوظيفية والمعيشية، وتوعية الجمهور
"
وطالبت غادة بإستراتيجية جديدة تأخذ في اعتبارها مضمون اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي دخلت حيز التنفيذ في العام 2005.
وتطرح غادة ملامح هذه الإستراتيجية في ضرورة توافر الإرادة السياسية، وحوكمة القطاعات العامة، وإقرار مبدأ الشفافية وتعزيزه داخل مؤسسات الدولة، وتحسين أوضاع المواطنين الأسرية والوظيفية والمعيشية، وتوعية الجمهور وتعزيز السلوك الأخلاقي.
وشهد المجتمع المصري انطلاق العديد من الحركات للمشاركة في ثورة 25 يناير، غير أن حركة "طلاب ضد الفساد" تمثل أحدث هذه الحركات، التي أعلن عن تكوينها في المؤتمر، وتعنى بمشاركة الطلاب في مواجهة الفساد.
ويتم ذلك من خلال تنظيم كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة مسابقة لهؤلاء الطلاب وغيرهم لطرح بحوثهم حول مكافحة الفساد في مجال التعليم.
وتعتزم الكلية توسيع المجال أمام طلاب الجامعات الأخرى في أبريل/نيسان القادم للمشاركة ببحوثهم ومقترحاتهم حول مكافحة الفساد في مجال التعليم.