بغض النظر عن تأخر موعد تقديم الحكومة المصرية لموازنة العام المالي 2015/2016، وما يعتري ذلك من مخالفة دستورية، فإن هناك بعض الأمور غير المقبولة علميًا، من أبرزها، زعم البيان المالي للموازنة بأنه سيتم خفض البطالة بمعدل 1% خلال العام.
ويتطلب هذا حسبما هو متعارف عليه علميًا، زيادة معدل النمو بالناتج المحلي الإجمالي بنحو 2%، لأن كل زيادة في الناتج المحلي مقدارها 1%، يمكن من خلالها خفض معدل البطالة بـ 0.5%.
بينما في بيانات معدلات النمو المتوقعة وحسب بيانات البيان المالي للموازنة، فإن معدل النمو للناتج المحلي سيصل إلى 5%، مقابل 4.2% متوقعة خلال العام المالي 2014/2015، والذي انتهى بنهاية يونيو/حزيران الماضي. أي أن الزيادة ستكون بحدود 0.8%، أي أقل من 1%، ولن تحقق خفضاً في معدلات البطالة إلا بنحو يقترب بالكاد من 0.5%.
وافتراضات زيادة معدلات الناتج المقدر بالموازنة، تعتمد على تحقيق 75 مليار جنيه استثمارات عامة، وممولة بنسبة كبيرة من الخزانة العامة، أي بالديون، وبافتراض أن هذا تم، فإن غالبية هذه الاستثمارات تأتي في مجال البنية الأساسية، وهي بطبيعتها غير موفرة لفرص عمل بالقدر الكافي نظرًا لاعتماد هذه المشروعات بقدر كبير على الميكنة، ومن جانب آخر فإن فرص العمل الناتجة من الاستثمار في البنية الأساسية، لا توصف بالاستدامة والاستقرار، لأنها تنتهي بانتهاء العمل في المشروعات.
الأمر الثاني المخالف للقواعد العلمية في مسألة تحقيق معدلات النمو، أنّ خفض عجز الموازنة لنحو 8.9%، لم يكن سوى تلاعب بالأرقام، وليس نتيجة ترشيد حقيقي، يمكن أن يؤدي إلى زيادة في معدلات النمو.
فتم خفض النفقات بنحو 21 مليار جنيه من بنود الأجور والتعليم والصحة، وزيادة الإيرادات بنحو 10 مليارات جنيه. فخفض الإنفاق بقطاعات التعليم والصحة، سيكون على حساب الاستثمارات في هذه القطاعات، لأن الأجور فيها حتمية ولن يتم خفضها، ونقص الاستثمارات بشكل عام يؤدي إلى تراجع النمو.
أما الاعتماد عل زيادة الإيرادات في ظل تضخم ركودي يضرب الاقتصاد المصري على مدار سنوات، فهذا غير منطقي، وكذّبته تصريحات سابقة لرئيس مصلحة الضرائب في أبريل الماضي، بأن الحصيلة الضريبية سوف تتراجع بنسبة 17% عن تقديرات الموازنة، فكيف تتحقق زيادة في الإيرادات في ظل ظروف أسوأ اقتصاديًا من حيث تراجع المنح وانخفاض الجنيه، وارتفاع التضخم وإغلاق المصانع؟.