طالب الرئيس المصري حسني مبارك في خطابه أمام مجلسي الشعب والشورى في 19 ديسمبر/ كانون الأول الجاري بمناسبة بدء الدورة البرلمانية الجديدة، بسن حزمة تشريعات منها ما يُعني بإصلاح الإدارة المحلية، وتنظيم شؤون الوظيفة العامة، وشؤون التجارة الداخلية، وكيفية استغلال أراضي الدولة، وكذلك إدارة الأصول العامة.
وعلى مدار السنوات الماضية شكلت التشريعات التي تدار بها الأمور الاقتصادية مسائل شائكة لدى الرأي العام، فالمحليات هي الشماعة التي تعلق عليها قضية فساد الجهاز الحكومي، والوساطة والمحسوبية التي تتسم بها الوظائف العامة بالدولة.
كما أن الحديث عن استغلال أراضي الدولة أو الأصول المملوكة بشركات القطاع العام، كانت مثار العديد من الاتهامات للحكومة بالفساد.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، هو: ما هي الأولوية التي تمثلها هذه التشريعات للاقتصاد المصري، وهل كانت هناك قوانين أخرى تتطلب أن تتضمنها الحزمة التشريعية الجديدة؟
"
"
واعتبر النائب محمد نجيب خالد، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب عن الحزب الوطني بأن حزمة التشريعات الاقتصادية التي تضمنها خطاب مبارك تستهدف رفع كفاءة الاقتصاد المصري.
وذكر نجيب للجزيرة نت أن قانون الإدارة المحلية سوف يقنن اللامركزية في الإدارة المحلية، وتشجيع الوحدات المحلية على جمع الإيرادات المستحقة للدولة، على أن تستفيد موازنة هذه الوحدات المحلية بتخصيص نسبة من الحصيلة، كما ستزيد سلطات المحليات بعملية التخطيط.
وأشار إلى أن قانون الوظيفة المدنية -وفق التشريع الجديد- يهدف لتحسين أجور العاملين بالدولة، وبخاصة صغار الموظفين.
وأضاف نجيب أن قانوني إدارة الأصول والمحافظة على أراضي الدولة، سوف يشكلان الأجهزة المؤسسية التي تحافظ على أراضي وأصول الدولة، ويعملان على تنفيذ ما يرد بعقود البيع ودخول المشروعات لمراحل الإنتاج، والوصول إلى أسعار حقيقية وموحدة لأراضي الدولة داخل النطاق الجغرافي الواحد.
وبالنسبة لقانون التجارة الداخلية اعتبره أنه سيعمل على وجود أسعار استرشادية للمواطنين من خلال متاجر تشرف عليها وزارة التجارة الداخلية بما يعمل على محاربة الاحتكار، وبخاصة في أسعار السلع الأساسية.
وبسؤال نجيب عن أي القوانين سيأخذ طريقه أولا في المناقشة والإقرار من قبل مجلس الشعب، أجاب بأنه يتوقع أن يكون قانون الإدارة المحلية هو أول هذه التشريعات التي سيتناولها المجلس.
من جانبه أعرب الخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق عن خشيته من سيطرة منظور رجال الأعمال عند تناول هذه التشريعات بالبرلمان خلال الفترة القادمة، وأن يتم استرضاء رجال الأعمال على حساب حاجات الناس ومتطلبات معيشتهم.
وحذر من ألا يتناول قانون التجارة الداخلية الجديد هوامش الربح، مشيرا إلى أنه من غير المقبول وجود هذه الهوامش الكبيرة في ظل غياب الرقابة على الأسواق ومحدودية دخول الأفراد.
وطالب فاروق بإدراج تعديل على قانون تنظيم المنافسة ومنع الاحتكار، الذي يعاني من سلبياته شريحة كبيرة من أفراد المجتمع.
وانتقد تحركات الدولة التي اعتبرها عادة ما تكون متأخرة، وتأتي بعد تفاقم المشكلات، مما يفقد التشريعات قيمتها، وضرب مثالا على ذلك أن وزير الإسكان الأسبق تصرف وحده في مساحة تبلغ ما بين 400 مليون متر و500 مليون متر، حظي بمعظمها رجال الأعمال.
وعن برنامج الخصخصة الذي تتبعه الحكومة، لفت إلى أن سن قوانين لتنظيم الملكيات العامة جاء متأخرا كذلك، وتمنى ألا تكون التشريعات الجديدة في هذا المال تفتح بابا جديدا لامتيازات رجال الأعمال.
وعن قانون الوظيفة العامة، أكد فاروق أنه سيكون مجرد اعتماد لسلوك الحكومة حاليا في تعيين المستشارين، بمرتبات خيالية، وإمكانية التخلص من العمالة بأي وقت، واستنكر غياب وجود تشريع يلزم الجهاز المصرفي بتمويل الصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر، من أجل القضاء على البطالة.
من جهته اعتبر أحمد الحسيني -وهو محاسب بإحدى شركات القطاع الخاص- أن التشريعات المطروحة جيدة ومطلوبة، ولكن الأهم من ذلك العمل بهذه التشريعات، مشيرا إلى توافر العديد من التشريعات القادرة على تنظيم الأمور الاقتصادية، ولكن هناك حالة من التراخي في تطبيق هذه القوانين.