إبان أحداث ثورة 25 يناير 2011، فتحت قضية أموال مصر المهربة للخارج من قبل الرئيس المخلوع حسني مبارك وأسرته، وكبار مسؤوليه، وعلت هتافات في ميدان التحرير قبل ثورة 25 يناير 2011 "يا مبارك يا طيار جبت منين 70 مليار".
بعد سقوط مبارك، داعبت هذه الثروة الطائلة أحلام المصريين، بين من رأى ضرورة عودة الأموال المهربة للنهوض بمصر تنمويا، ومن رأى أهمية الحصول على حصته من هذه الأموال لينعم بطيب العيش ما بقى له من عمر.
لكن الدولة العميقة أهدرت هذه الأحلام بتكوين لجان لا تنجز شيئا لعودة تلك الأموال، أو من خلال أحكام قضائية برأت مبارك وأركان نظامه، ليكونوا في مأمن من مصادرة أموالهم في الخارج، أو يتخذ أي إجراء قانوني لعودة هذه الأموال إلى مصر.
تصريحات رئيس الإدارة المركزية للبحوث الاقتصادية بوزارة التجارة والصناعة المصرية عبد النبي عبد المطلب فجرت قضية أموال مبارك المهربة للخارج، وذلك عبر حواره مع إحدى الجرائد الإلكترونية بالقاهرة، الذي أكد فقدان الأمل في عودة تلك الأموال.
وكشف عبد المطلب دور اللجان التي شُكلت لمهمة استردادها، وأنها كانت عبئا على الخزانة العامة، وليست مصدرا لجلب الأموال المهربة، فقد قدر عبد المطلب تكلفة هذه اللجان ماليا بنحو 300 مليون جنيه مصري، في شكل بدلات وأجور لمستشارين، وتكلفة إقامة وسفر للخارج.
الخبير الاقتصادي محمود عبد الله صرح للجزيرة نت بأن المخاوف من دور الدولة العميقة تجذرت في مصر منذ أن أُعلن عن مثالية ثورة 25 يناير 2011 ، وحسن ظنهم بالقضاء والدولة العميقة، فتُرك تشكيل اللجان وفق الإجراءات البيروقراطية، التي أتت بمن يهدر المستندات التي تدين مبارك ورجاله، ومن يعطل إجراءات قانونية، أو مراسلات خارجية تساعد في جلب الأموال المهربة.
ويؤكد عبد الله أن جزءا كبيرا من هذه الأموال تم تهريبه بعد سقوط نظام حسني مبارك، عبر أساليب مختلفة، منها ما هو شرعي أو قانوني، ومنها ما هو غير قانوني.
وأخذت الدولة العميقة -حسب رأي عبد الله- فرصتها في تقنين فساد مبارك ورجاله، فضاعت على الدولة المصرية فرصة توظيف هذه الثروة المنهوبة والمودعة بالخارج، في سد الفجوة التمويلية، أو إغناء مصر عن تلقي الدعم أو الحصول على قروض خارجية.
الخبير القانوني المحامي محمود جابر يؤكد أن استرداد المليارات المهربة من مصر يحتاج أولا للمطالبة بتحقيق قانوني ينتج عنه إدانة بإثبات حصول مبارك ورجاله على هذه الأموال بطريقة غير مشروعة، خاصة في حالة الموظف العام الذي يتربح من وظيفته، وصدور أحكام قضائية نهائية أمام قضاء مستقل تثبت تلك الإدانة.
ويضيف جابر أنه بالإضافة إلى استيفاء النواحي القانونية، لا بد من تحقيق حالة من الاستقرار السياسي للدولة، وهذا ما افتقدته مصر، حيث تمت تبرئة مبارك وغيره من رجال الدولة الفاسدين لغياب سلطان القانون، وانعدام حيادية واستقلال القضاء بالإضافة إلي الانقلاب العسكري الذي وقع في 3 يوليو/تموز 2013، وكل ما سبق أفقد الدولة قدرتها على المطالبة باسترداد الأموال، خاصة أنه لم يعد هناك مسوغ قانوني يمكن الاحتجاج به أمام الدول التي بحوزتها هذه الأموال المهربة.