الرئيسية / مصر / الفلسفة الاقتصادية في فكر حسن البنا

الفلسفة الاقتصادية في فكر حسن البنا

  • بقلم: أ. عبد الحافظ الصاوي
  • 12-08-2023
  • 103
الفلسفة الاقتصادية في فكر حسن البنا
  • المصدر: الجزيرة

تعتمد الفلسفة الاقتصادية للإخوان المسلمين، على فلسفة الدين الإسلامي نفسه، فيما يقدمه من تصور للإله والكون والحياة وطبيعة العلاقة بينهم، فالله سبحانه وتعالي هو خالق هذا الكون وواهب الحياة، وأنزل كتبه ورسله، ومعهم الشرائع، التي ختمت بشريعة النبي محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم. ومن هنا فقراءة، الأداء الاقتصادي، وكيفية التصرف في الموارد الاقتصادية، وتحديد الحاجات، وصناعة العلاقات الاقتصادية، بين الأفراد، وبين المجتمع والدولة، أو بين الدول وبعضها بعضًا، قائم على ما اعتمدته الشريعة الإسلامية، من أوامر ونواهي، ومباحات، ومحرمات، وكذلك المساحة الكبيرة، التي تتماهي مع شمولية الإسلام، وهي ما يسميه الفقهاء، المصالح المرسلة، وبشكل عام مراعاة المقاصد العامة للشريعة الإسلامية، من حفظ (النفس، والعقل، والدين والعرض، والمال).

– أهمية الاقتصاد عند حسن البنا

لقد اهتم حسن البنا بشأن الاقتصاد، كمكون مهم من شئون الأمم الناهضة، واعتبره من أهم شئون العصر، ودلل على مكانة الاقتصاد والمال في الإسلام، من نصوص القرأن الكريم والسنة النبوية، في الحفاظ على المال وعدم الإسراف فيه، وضرورة الاقتصاد في أمور المعيشة، وجعل الاقتصاد شأن يخص الفرد والأمة، وحدد موقفه من النظم الاقتصادية، بشكل مبدي، إذ ذكر أن أي نظام اقتصادي فاضل، يرحب به الإسلام ويدعو الأمة على تشجيعه، ولا يقف أبدًا في سبيله، وأشار إلى ثراء كتب الفقه الإسلامي، التي تحوي العديد من القضايا المالية. فتحت عنوان الإسلام والاقتصاد، برسالة نحو النور، ذكر الأستاذ حسن البنا، الآتي:

(والأمة الناهضة أحوج ما تكون إلى تنظيم شؤونها الاقتصادية، وهي أهم الشؤون في هذه العصور، ولم يغفل الإسلام هذه الناحية بل وضع كلياتها ولم يقف أمام استكمال أمرها، وها أنت تسمع قول الله تبارك وتعالى في المحافظة على المال وبيان قيمته ووجوب الاهتمام به (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَاماً (النساء:5 ويقول في موازنة الإنفاق والدخل : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ (الإسراء:29 .ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ما عال من اقتصد) وهو كما يصدق في الفرد يصدق في الأمة مع قوله صلى الله عليه وسلم : (نعم المال الصالح للرجل الصالح) وأي نظام اقتصادي فاضل يرحب به الإسلام ويدعو الأمة إلى تشجيعه ولا يقف أبدا في سبيله، والفقه الإسلامي مملوء بأحكام المعاملات المالية، وقد فصلها تفصيلا لا يدع زيادة لمستزيد . )

ويلاحظ أن هذا الموقف العام من النظام الاقتصادي، الذي تحدث فيه الأستاذ حسن البنا عن النظام الاقتصادي، كان في عام 1936، بينما تحديد ملامح فلسفته الاقتصادية، وموقفه من المذاهب الاقتصادية الأخرى، فقد حسمه في رسالة مشكلاتنا في ضوء النظام الإسلامي، حيث تناول النظام الاقتصادي مع بقية النظم الأخرى (نظام الحكم، والنظام الاجتماعي) وذلك في نوفمبر 1974.

ولقد وصف الأستاذ البنا واقع الاقتصاد المصري في نهاية الاربعينيات من القرن العشرين في أربعة محارو رئيسة، هي: غنى طبيعي في الثروات المتعددة، واستغلال أجنبي، وثراء فاحش وفقر مدقع، وتخبط اقتصادي، ونحسب أن هذه المحاور الأربعة لازالت تعكس واقع الاقتصاد المصري في مطلع العقد الثالث من القرن الواحد والعشرين، إلى حد كبير.

– أركان فلسفته الاقتصادية

في غير موضوع تناول الأستاذ حسن البنا العديد من مشكلات المجتمع الاقتصادية والاجتماعية، وما هي واجبات الدولة والمجتمع لمواجهة هذه المشكلات لذلك أتت تلك المعالجات متفرقة، ولكنه في رسالة النظام الاقتصادي، كان الأستاذ حسن البنا، أكثر تحديدًا في طرح تصوراته وما ضمنه من مبادئ للتعامل مع المشكلات الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع، وبما يعكس فلسفته الاقتصادية، التي يمكن أن نجملها في المحاور الآتية:

• وجوب الزكاة: في رسالة “هل نحن قوم عمليون” أفرد الاستاذ حسن البنا مقالًا خاصًا بالزكاة، كونها ركن الإسلام الثالث، وواجب ملزم، على الحكومات القيام به، جمعًا وإنفاقًا، لتفعيل هذه الأداة المالية في معالجة جوانب الخلل الاجتماعي، من فقر وبطالة وسوء توزيع الثروة، فذكر البنا “والزكاة مهمة من مهمات الحاكم : عليه القيام بجمعها، وتنظيم تحصيلها والإشراف علي إنفاقها في مصارفها التي جعل الله لها. ولو أن الحكومات الإسلامية عنيت بشأن الزكاة لكانت لها مورداً حلالاً طيباً يغنيها عن الضرائب الجائرة والمكوس الظالمة ولأحيت بذلك فريضة ضائعة وركناً مهملًا من أركان الإسلام. فأما إذا نسيت الحكومات الإسلامية واجبها حيال الزكاة جمعًا وإعطاءً، فإن على الأفراد أن يقوموا بإحياء هذه الشعيرة وإعادة هذه الفريضة وإخراج حق الله لعيال الله، فمن قصر في ذلك فإثمه على نفسه وجريرته على عنقه وجزاؤه أليم عند ربه “. ولم يتأخر الإخوان المسلمون عن تفعيل هذا البند من فلسفتهم الاقتصادية مبكرًا، فقد قم الإخوان المسلمون في عام 1934 بتكوين لجنة لجمع الزكاة وتوزيعها يف قرية برمبال القديمة بمحافظة الدقهلية، وذلك بسبب عدم عناية الحكومة المصرية للقيام بواجب جمع وإنفاق الزكاة، ثم توالت فيما بعد إنشاء العديد من لجان الزكاة على مستوى جمورية مصر العربية، وإن كان هذا النشاط لم يعد، وكذلك لم يكن قاصرًا على جماعة الإخوان المسلمين، إلا أن الإخوان ساهموا في إحياء هذه الفريضة.

• حرمة الربا: في رسالة نحو النور، وتحت عنوان بعض خطوات الإصلاح، حينما تعرض البنا لما يجب عمله في الناحية الاقتصادية ذكر عشرة أمور منها “تحريم الربا، وتنظيم المصارف تنظيمًا يؤدي إلى هذه الغاية، وتكون الحكومة قدوة في ذلك بإلغاء الفوائد في مشروعاتها الخاصة بها كبنك التسليف والسلف الصناعية وغيرها .

وفي المقال الرابع والأخير من رسالة النظام الاقتصادي، وضع البنا عنوانًا فرعيًا، وهو محاربة الربا، ورأى أن الإسلام يوجب محاربة الربا والقضاء على كل تعامل يتم على أساسه، وأنكر مسألة أن يتزرع البعض بأن الربا أصبح من ضرورات العصر ، وذكر أن روسيا الشيوعية منعت الربا، وحرام أن تسبقنا روسيا إلى هذه المنقبة الإسلامية .

لم تكتف حسن البنا ولا دعوة الإخوان المسلمين، بهذا الجانب النظري لمحاربة الربا، ولكنهم أخذوا على عاتقهم خروج مشروع البنوك الإسلامية إلى أرض الواقع، حيث كان علماء اقتصاد ومصرفيين من الإخوان، عماد انطلاق تجربة المصارف الإسلامية، مع غيرهم من أبناء الأمة الإسلامية، الذين آمنوا بضرورة محاربة الربا، وأهمية وجود مصارف إسلامية.

• وجوب العمل: يأتي العمل كأحد عناصر العملية الإنتاجية المهمة، والتي تعد من أهم قضايا الفلسفة الاقتصادية، وعليه قامت ثورات، لتمكين العمال من السلطة والثروة، كما حدث في النظم الاشتراكية والشيوعية. وقد أضير العمال كثيرًا في ظل النظم الرأسمالية لعقود، إلى أن حصلوا على حقوقهم الحالية، من الأجر الكريم، والعمل اللائق، وبيئة العمل الآمنة، كحقوق للعمال.

وفي رسالة النظام الاقتصادي، ذكر البنا تحت عنوان العمل على كل قادر “وفي الإسلام الحث على العمل والكسب، واعتبار الكسب واجبًا على كل قادر عليه، والثناء كل الثناء على العمال المحترفين، وتحريم السؤال، وإعلان أن من أفضل العبادة العمل، وأن العمل من سنة الأنبياء، وأن من أفضل الكسب ما كان من عمل اليد، والزراية على أهل البطالة، والذين هم عالة على المجتمع، مهما كان سبب تبطلهم –ولو كان الانقطاع لعبادة الله-، فإن السلام لا يعرف هذا هذا الضرب من التبطل، والتوكل على الله انما هو الأخذ بالأسباب وأيضًا بالنتائج..فمن فقد أحدهما فليس بمتوكل، والرزق المقدور مقرون بالسعي الدائب “. وفي مواضع كثيرة في حديث حسن البنا عن الأوضاع الاجتماعية، تناول أوضاع العمال والفلاحين والموظفين، وضرورة تحسين أوضاعهم المالية، وبيئة العمل، وحصولهم على تأمين اجتماعي.

• حسن تدبير وتثمير المال: رأس المال هو العنصر الأبرز في العملية الإنتاجية بجوار عنصر العمل، وقد نتج عن الأداء السيئ للرأسمالية في أوروبا قديما، وحديثًا في أميركا، إلى إيجاد موقف شديد التطرف تجاه رأس المال، وهو ما تجلى بشكل كبير لدى المذهب الماركسي، الذي يرى أن رأس المال تكون نتيجة ظلم العمال، والاقتطاع من أجورهم العادلة، وترى الماركسية كذلك أن رأس المال، ما هو إلا عمل قديم. ويعكس موقف حسن البنا من رأس المال، الاهتمام بالكسب الحلال، والحرص على امتلاك المال الصالح، وحسن تدبيره وتثميره، وينطبق ذلك على المال الخاص والمال العام، وفي ذلك يقول البنا “فقد امتدح الإسلام المال الصالح، وأوجب الحرص عليه وحسن تدبيره وتثميره، وأشاد بمنزلة الغنى الشاكر الذي يستخدم ماله في نفع الناس ومرضاة الله، وليس في الإسلام هذا المعنى الذي يدفع الناس إلى الفقر والفاقة من فهم الزهد على غير معناه .وما ورد في ذم الدنيا والمال والغنى والثروة إنما يراد به ما يدعو إلى الطغيان والفتنة والإسراف، ويستعان به على الإثم والمعصية والجور وكفران نعمة الله، وفى الحديث (نعم المال الصالح للرجل الصالح) .

وينطلق البنا في رؤيته للمال من نظرة الإسلام بشكل عام إلى ملكية المال، وأنها ملكية استخلاف وأن الإنسان مسئول أمام الله عز وجل في الآخرة، فيما امتلكه من مال، وأم الملكية الحقيقية للمال إنما هي لله عز وجل.

• طبيعة الملكية، هذه القضية من القضايا المهمة التي تميزت بها الفلسفات الاقتصادية المختلفة، ما بين مقيد للملكية العامة لحساب الملكية الخاصة، وهو المذهب الرأسمالي، وبين مقيد للملكة الخاصة لصالح الملكية العامة، وهو المذهب الاشتراكي.

أما موقف الاخوان من قضية الملكية، والذي تناوله البنا، فيمكن فهمه من خلال البند الثامن من العناصر التي اعتبرها قواعد النظام الاقتصادي في الإسلام، فقال “تقرير حرمة المال، واحترام الملكية الخاصة ما لم تتعارض مع المصلحة العامة”. وأقر البنا كذلك بوجود الملكية العامة، كذلك في نفس الرسالة تحت عنوان مسئولية الدولة، فذكر “وأعلن مسئولية الدولة عن هذا حماية هذا النظام، وعن حسن التصرف في المال العام”..وفي رسالة المؤتمر الشعبي الأول للإخوان المسلمين في القاهرة، أتت قراراته لتتضمن أمور اقتصادية، كان من بينها تسوية ديون مصر المستحقة على انجلترا، عن طريق تنازل انجلترا لمصر عن حصة من أسهمها في قناة السويس، التي باعتها مصر لإنجلترا في عهد الخديوي إسماعيل. وكذلك تسدد انجلترا جزء من ديونها لمصر، عن طريق تصدير سلع إنتاجية وليست استهلاكية، وأن تتنازل انجلترا عن المنشآت التي أقامتها بمصر. وهو ما يعني قبول البنا بملكية الدولة للمنشآت العامة، وامتلاك المؤسسات الإنتاجية .

• دور الدولة في النشاط الاقتصادي. على الرغم من أن حسن البنا حدد مسئولية الدولة في حماية النظام الاقتصادي، إلا أنه أورد العديد من القضايا التي لا يمكن أن يقوم بها سوى الدولة، مثل إصلاح الضرائب، وحسن التصرف فيها على خدمات المجتمع، وذهابه إلى الأخذ بنظام الضرائب التصاعدية، وكذلك توفير الضمان الاجتماعي للعمال، أو تخليص المرافق العامة من يد غير المصريين في ذلك الزمان، وأنه من غير المقبول أن تكون المرافق العامة في يد الأجانب، وأيضًا مطالبته بحماية الصناعة عن طريق التعريفة الجمركية، وتشجيع الصناعة بشكل عام، وصناعة السلاح بشكل خاص. وإذا كان الاقتصاد الإسلامي يعتمد على إفساح المجال للقطاع الخاص، فإن ذلك لا يعني غياب وجود دور للدولة بشكل عام في النشاط الاقتصادي، أو قصر هذا الدور على الرقابة والتنظيم، فهناك حاجات ملحة للمجتمع لابد وأن تلبى سواء كانت سلع أو خدمات، وبخاصة إذا كان القطاع الخاص يمارس أدوارًا احتكارية تضر بمصالح المجتمع، أو ينصرف عن ممارسة بعض الأعمال لضعف العوائد الربحية منها، ناهيك عن الأعمال التي تتعلق بالأمن القومي، والتي لابد أن تكون تحت يد الدولة.

• استقلال النقد: لقد طلب البنا باستقلال النقد المصري، وعدم تقيده بعملات أجنبية، وأن يكون النقد المصري مغطى بالذهب، وقد كان ذلك في عام 1947، وهو العام الذي باشر فيه صندوق النقد عمله، وتعد مصر من الدول الأعضاء السباقين لعضوية الصندوق..ولنا أن نتخيل لو أن مصر حرصت على استقلالها النقدي منذ ذلك الحين، وأن قيمة الجنيه المصري تعتمد على الذهب، لكان للاقتصاد المصري شأن آخر. إن مصر وكافة دول العالم، تعاني من تقلبات الدولار، ومدى تأثر السياسات المالية والنقدية على مستوى العالم، إذا قررت أميركا إجراء تعديل أو تغير في سياساتها المالية والنقدية، بسبب ارتباط التسويات المالية والتجارية الدولية عبر الدولار، ونحن نراقب منذ عدة أسابيع حالة الهلع التي تنتاب اقتصاديات العالم، جراء انتظار المجلس الفيدرالي الأميركي لسعر الفائدة خلال الشهور الأولى من عام 2022.

• عدالة توزيع الثروة: ذكر البنا أن الإسلام حرص على التقريب بين الطبقات بتحريم الكنز ومظاهر الترف على الأغنياء، والحث على رفع مستوى المعيشة بين الفقراء، وتقرير حقهم في مال الدولة ومال الأغنياء. وليس هذا وفقط، بل طالب البنا بإعادة النظر في نظام الملكيات، فتُختصر الملكيات الكبيرة، ويعوض أصحابها عن حقهم بما هو أجدى عليهم وعلى المجتمع، وتشجيع الملكيات الصغيرة، حتى يشعر الفقراء المعدمون بأن قد أصبح لهم في هذا الوطن ما يعنيهم أمره، ويهمهم شأنه، وأن توزع أموال الحكومة حالًا على هؤلاء الصغار كذلك حتى يكبروا.

• الحماية الاجتماعية، اهتمام البنا بالجانب الاجتماعي من محاربة الفقر والبطالة، وعدالة توزيع الثروة، يؤكد على رعاية الطبقات الفقيرة في المجتمع بما يحقق لهم مستوى لائق من المعيشة يحفظ عليهم كرامتهم، ففي رسالة نحو النور، حينما تناول بعض خطوات الاصلاح العملي ذكر عشرة بنود في الناحية الاقتصادية، منها ما يتعلق بالحماية الاجتماعية بشكل مباشر، مثل تنظيم الزكاة والاستعانة بها في المشروعات الخيرية التي لابد منها كملاجئ العجزة والفقراء واليتامى، وأيضًا تحسين أحوال الموظفين الصغار، وتقليص مرتبات الموظفين الكبار. والعناية بشئون العمال الفنية والاجتماعية ورفع مستواهم في مختلف النواحي الحيوية. ومن هذا البنود ما يدعم الحماية الاجتماعية بشكل غير مباشر مثل تشجيع المشروعات الاقتصادية والاكثار منها، وتشغيل العاطلين من المواطنين فيها.

• تجريم الاقتصاد الأسود: حرص البنا دومًا على محاربة أنشطة الاقتصاد الأسود، من محاربة الربا، والقمار، والدعارة، واحتكار الشركات للمواطنين، والقضاء على الرشوة والمحسوبية، ومحاربة الخمر والمخدرات، وإغلاق المراقص، ويأتي حرص البنا في هذا الأمر، لما يحرص عليه الإسلام من تحريم وتجريم العمل بتلك المجالات.

أما عن موقف الإخوان وفلسفتهم الاقتصادية من المذاهب الاقتصادية الأخرى، من رأسمالية واشتراكية، فقد حسم البنا هذا الأمر في رسالة النظام الاقتصادي، بقوله: “أن مصر تتقاذفها الألوان الاقتصادية وتتضارب فيها النظم والآراء العصرية، من رأسمالية أو اشتراكية أو شيوعية، وأن من الخير كل الخير أن تبرأ مصر من هذه الألوان كلها، وأن تركز حياتها الاقتصادية على قواعد الإسلام وتوجيهاته العليا، وتستمد منه وتعتمد عليه، وذلك تسلم من كل ما يصحب هذه الآراء من أخطاء وما يلصق بها من عيوب عليه، وبذلك تسلم من كل ما يصحب هذه الآراء من أخطاء، وما يلصق بها من عيوب ، وتنحل مشاكلنا الاقتصادية من أقصر طريق . ومن هنا يتضح أن فلسفة الإخوان المسلمين الاقتصادية، قائمة بذاتها، لا تنتمي للفلسفة الرأسمالية ولا الاشتراكية، وانما هي تستمد جذورها وقواعدها من مرجعيتها الوحيدة، وهي الإسلام، في ضوء أوامره ونواهيه، والتراث الإسلامي الثري، سواء في الفقه، أو الفكر، أو التاريخ الإسلامي