في ظل التأثيرات السلبية للأزمة المالية العالمية على الاقتصاد المصري، أمكن تقسيم المجتمع المصري إلى ثلاث فئات بعضها استفاد منها وكسب، وبعضها فقد شيئا يسيرا، وبعض آخر تضرر من هذه الأزمة وخسر خاصة الفقراء.
الفئة الأولى هم المودعون بالبنوك وغالبيتهم من الطبقة المتوسطة. وهؤلاء هم الرابحون حيث احتفظوا بودائعهم، بل حصّلوا عوائد على هذه المدخرات في ظل سلامة موقف الجهاز المصرفي المصري.
والفئة الثانية تضم الأغنياء والشريحة العليا من الطبقة المتوسطة. وتنحصر خسارتهم في تعاملاتهم بسوق الأوراق المالية، ويقدر عددهم بحوالي مليوني شخص.
أما الخاسرون الذين يشكلون الفئة الثالثة وهي أكثر عددا فكانوا من الفقراء خاصة العمال الذين تم تسريحهم.
وفي مؤتمر عقد أمس بجامعة القاهرة بعنوان "الآثار الاجتماعية للأزمة المالية العالمية على الاقتصاد المصري وسبل مواجهتها", أوضحت د. هبة حندوسة – نائبة رئيس الجامعة الأميركية بالقاهرة سابقا والباحثة الرئيسية لتقرير التنمية البشرية في مصر- أن عمليات التسريح استهدفت خاصة قطاعي السياحة والصناعات التحويلية.
ومن الحلول التي طرحتها حندوسة لاحتواء الآثار الاجتماعية السلبية على الطبقتين المتوسطة والفقيرة في مصر، أن يتم تحسين أجور المدرسين والأطباء كي لا يضطر هؤلاء إلى الدروس الخصوصية وأولئك إلى العمل بعيادات خاصة.
وبالنسبة إلى الفقراء اقترحت حندوسة دعم المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر وذلك عبر سداد حصة التأمينات الاجتماعية للعاملين الجدد بها عن طريق الحكومة, وتفعيل نظام "الفرنشايز" لدعم انتشار هذين الصنفين من المشاريع.
وساقت بهذا الصدد مثال دور الحضانة للأطفال في مرحلة ما قبل التعليم، حيث يتيح هذا المشروع 100 ألف فرصة عمل إذا تبنته الحكومة.
من جهته, رأى د. سمير رضوان –عضو مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار ومساعد المدير العام لمنظمة العمل الدولية سابقا- أن المطلوب من مصر لمواجهة الآثار الاجتماعية والاقتصادية هو إستراتيجية تتعامل مع الأزمة وتحدد سبل الخروج منها والتفكير فيما بعدها.
وأشار إلى أن هناك حاجة ملحة لإعادة هيكلة الاقتصاد المصري، إذ هناك مشكلات في بنيته قبل الأزمة لم تعالج بعد, ومن الأدلة على هذا أن مصر تفتقد إستراتيجية لسوق العمل رغم أن الأزمة رفعت معدلات البطالة إلى نحو 12%.
وتساءل رضوان عما إذا كان قرار ضخ 15 مليار جنيه (2.48 مليار دولار) للاستثمار في البنية الأساسية قام على أساس توقع انخفاض الناتج المحلي الإجمالي من 7.1% إلى 4%. وقال إنه إذا كان هذا هو الأساس، فالمعايير الاقتصادية تشير إلى ضرورة مضاعفة المبلغ.
أما الدكتور علي لطفي -رئيس الوزراء سابقا- فانتقد الحكومة لمحاولتها التهرب من إدراج العلاوة الاجتماعية للعاملين بالدولة في مشروع الموازنة الجديد، وإحالتها الموضوع للبرلمان.
وتساءل لطفي مستهجنا كيف تحقق الحكومة تنشيط الطلب الداخلي في حين تمنع العلاوة عن الموظفين الذين يعدون في طبقة محدودي الدخل والفقراء.
وطالب لطفي بالتوجه بقوة إلى قطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة، حيث تنخفض كلفة فرصة العمل بهذا القطاع إلى نحو ستة آلاف جنيه مصري، بينما تصل خارجه إلى نحو 200 ألف جنيه.
من جهته ركز طارق توفيق –رئيس غرفة الصناعات الغذائية- على أهمية تطوير قطاع الزراعة في مصر ودوره في إتاحة فرص عمل والنهوض بالمستوى الاجتماعي للفلاحين.
وانتقد الإهمال الذي يعاني منه قطاع الزراعة خاصة في مجال التصنيع الزراعي. وقال إن التصنيع الزراعي في مصر لا يتجاوز 5% من المنتجات الزراعية المصرية، علما بأنه في دول أخرى يصل إلى ما بين 30 و40%. كما أن الحكومة توقفت عن تخصيص أراضي للاستصلاح الزراعي.
وقلل من أهمية إعلان الحكومة تخفيض سعر الفائدة للمقترضين خلال الفترة الماضية بنحو 1.5%، وقال إن هذا التخفيض يتم بشكل انتقائي ولم تستفد منه كل الصناعات.