قال الخبير الاقتصادي عبدالحافظ الصاوي إن الحكومة المصرية لا تمتلك أي رؤية لعلاج قضية الدين العام وكل ما تمارسه هو الهروب إلى الأمام من مواجهة المشكلة الحقيقة عن طريق استبدال الديون القصيرة الأجل بأخرى طولية الأجل عن طريق استهلاك الديون القديمة بديون جديدة. لقاء على الجزيرة مباشر، أن الدين تجاوز المعدلات المقبولة منذ عدة سنوات فالعرف أن يكون الدين العام ككل لا يزيد عن 60% من الناتج المحلي الإجمالي بينما وصل الآن بشقيّه إلى 125% وهي نسب مؤثرة بشكل كبير جدا على هيكل الموازنة العامة للدولة وأصبحت مخصصات الفوائد فقط دون الأقساط هي أكبر مخصص داخل الأبواب الستة.
وأكد أن القروض ما لم توجه إلى الاستثمارات الإنتاجية والتنموية فهي عبء على الأجيال الحالية والمستقبلية، وليس توجيهها إلى الإنشاءات والكباري والأنفاق كما لم تكن مصر في حاجة أبدًا لعاصمة إدارية جديدة تكلفت المليارات وساهمت بـ 40 مليار دولار في الدين العام الخارجي على حساب قطاعي التعليم والصحة.
وأضاف أن الحكومة المصرية ليس لديها برنامج للسداد إطلاقًا ولم تعلن عن مدى زمني قصير أو بعيد للتخلص من نسبة معينة من الديون لكن هذا الأمر ليس في أجندة الحكومة على الإطلاق، بل إن مصر تورطت في أجندة صندوق النقد الدولي التي تروج لمفهوم “استدامة الدين” بمعنى الاستمرار في الاقتراض ما دمت قادر على السداد.
وأوضح أن الأمر يمكن قبوله إذا كان السداد يتم عبر موارد ذاتية أو إيرادات متجددة عائدة من مشروعات تنموية “لكننا نقترض ونسدد من خلال قروض جديدة وهذه توريطة كبيرة جدا”.
وأضاف أن آخر بيان لصندوق النقد أشار لخطورة الدين العام على الوضع المالي في مصر لأن الموازنة العامة للدولة استهلاكية بالدرجة الأولى والاستثمارات فيها محدودة وموجهة إلى الإنشاءات التي لا تخلق فرص عمل دائمة.
وأشار إلى أن “هناك عجزًا شديدًا في ضخ الاستثمارات بقطاعي الزراعة والصناعة رغم تزايد عدد السكان ما جعلنا نعجز عن توفير الغذاء فمصر لديها عجز في الميزان التجاري والزراعي والغذائي يصل إلى نحو 9 مليار دولار والاعتماد على الاستيراد من الخارج فضلًا عن المشكلات المرتبطة بإنشاء سد النهضة”.
وقال إن مصر ليس لديها لا رؤية اقتصادية ولا تنموية ولا رؤية للتعامل مع قضايا الدين والبطالة والفقر وحتى برنامج “تكافل وكرامة” كان بمعونة من البنك الدولي لم يكن بدافع ذاتي من الحكومة المصرية لمساندة الفقراء.
وأشار إلى أن هناك سوء تخصيص وسوء توظيف لموارد الموازنة العامة للدولة وسيطرة الجيش على مقدرات الاقتصاد، ما يعود على المواطن بمزيد من البطالة والفقر.
وتابع أن المواطن بات يتحمل ضرائب بمعدلات كبيرة وصلت لأكثر من 300% منذ 2014 في مقابل خدمات ضعيفة بالإضافة إلى تحمله تكلفة استهلاك الكهرباء بالأسعار الدولية وكذلك الحال بالنسبة للوقود، ما زاد عدد الأسر الفقيرة إلى نحو 8 مليون لا يستفيد منهم ببرنامج التكافل سوى 3 ملايين فقط.