السيسي يفقر مصر والجمعيات الخيرية تستلم مهام اطعام الفقراء.
أداء السيسي وحكومته في الأمن القومي كان سيئاً حيث تم التفريط في حقوق مصر من ثروة الغاز الطبيعي مجاملة لدول أخرى.
الضرائب ارتفعت ثلاثة أضعاف ما كانت عليه في 2014 مع رفع الدعم عن السلع والخدمات وارتفاع قيمة الديون وخصخصة مؤسسات عامة.
معدلات الفقر في تزايد وتعثر ملحوظ في تكوين الأسر الجديدة وارتفاع معدلات الطلاق لدى المتزوجين حديثاً بسبب الأوضاع الاقتصادية.
إذا كان أداء السيسي يتسم بانفراده باتخاذ القرارات الخطأ اقتصاديًا وتنمويًا فما بالنا بصفقات الأسلحة التي أبرمتها مصر بمبالغ طائلة بعد الانقلاب العسكري؟
* * *
لم تأت تصريحات السيسي خلال الأيام الماضية من فراغ، حيث صرح بلهجة عامية قائلا "عندنا برلمان بيراقب أداء الحكومة، وبيوافق على قرارات القروض اللي بنأخذها... ومحتاجين الناس تثق فينا بشكل أكبر حتى ننفذ مخططاتنا"، لكن كثير من وعود السيسي في الجوانب المختلفة لم تتحقق على مدار السنوات السبع الماضية، بعد انقلابه على التجربة الديمقراطية، وليدة ثورة 25 يناير.
السيسي وعد المصريين بأن تكون مصر في مكان آخر خلال سنتين، عقب انقلاب 3 يوليو/ تموز 2013، لكن الناس وجدوا أنفسهم أمام مأزق اقتصادي واجتماعي كبير، من خلال الاتفاق الذي وقعته حكومته مع صندوق النقد الدولي في نوفمبر 2016!
فقد تم تخفيض قيمة الجنيه بنحو 50%، ما أدى إلى أكبر موجة تضخم في تاريخ مصر الحديث، فضلًا عن رفع أسعار جميع السلع والخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطنين، وهو ما أدى لأن يكون 60% من الشعب فقراء أو معرضين للفقر، حسب البنك الدولي.
والمعلوم أن شركاء التنمية ثلاثة، هم الحكومة ومجتمع الأعمال والمجتمع المدني، وهي شراكة تبدأ من التفكير والتخطيط، وتنتهي بالتنفيذ والمتابعة، لكن المتابع لأداء السيسي كشخص، وكذلك للسياسات التي تنفذها حكومته، لا يلحظ وجود أي مشاركة لمجتمع الأعمال أو المجتمع المدني.
لقد أقبل الناس على الاكتتاب في سندات إنشاء توسعة قناة السويس في 2015، على أمل أن تكون فرصة لتحسين العائد على مدخراتهم، لتميز العائد من السندات عن سعر الفائدة السائد في البنوك، ثم كانت الطامة الكبرى بعد قرار تخفيض قيمة الجنيه.
فوجد المدخرون، خاصة الصغار منهم، أنهم فقدوا 50% من قيمة مدخراتهم، وأن العائد الذي وعدوا به بنسبة 12% تم رفعه بعد ذلك إلى 15%، لا يعوضهم عن خسائرهم التي لحقت بمدخراتهم.
فقدان الثقة من المجتمع تجاه السيسي وحكومته، نابع من عدة أمور، على رأسها أن الناس لم يلمسوا حالة نجاحاً على أرض الواقع، لا على الصعيد الاقتصادي ولا الاجتماعي أو السياسي، فمستوى معيشة الناس في تراجع، وفرص العمل في الاقتصاد المنظم شاقة وعسيرة.
ومعدلات الفقر في تزايد، وثمة تعثر ملحوظ في تكوين الأسر الجديدة، وارتفاع في معدلات الطلاق لدى المتزوجين حديثاً بسبب الأوضاع الاقتصادية.
كما أن أداء السيسي وحكومته في قضايا الأمن القومي كان سيئاً، كما حدث في جزيرتي تيران وصنافير، وسد النهضة، وأزمة شرق البحر المتوسط، حيث تم التفريط في حقوق مصر من ثروة الغاز الطبيعي مجاملة لدول أخرى.
ويمكننا أن نتناول أسباب فقدان المجتمع للثقة في السيسي بشيء من التفصيل في المظاهر التالية.
إدارة الدول، وبخاصة في ظل جود أزمات، تحتاج إلى عمل مؤسسي، وبخاصة في دولة مثل مصر، لديها مؤسسات مليئة بالخبرات، لكن لوحظ أن السيسي يتفرد بالقرار في مشروعات كبيرة، ولها كلفتها المالية الضخمة، في ظل أزمة مالية تعيشها مصر منذ الانقلاب العسكري.
فمشروع توسعة قناة السويس، والعاصمة الإدارة الجديدة، وكذلك العديد من مشروعات البنية الأساسية، لم تتح لها دراسات جدوى، حسب تصريح السيسي نفسه.
وإذا كان أداء السيسي يتسم بانفراده باتخاذ القرارات الخطأ اقتصاديًا وتنمويًا، فما بالنا بصفقات شراء الأسلحة، التي أبرمتها مصر بمبالغ طائلة بعد الانقلاب العسكري؟
والغريب أن السيسي أصبح يقدم معادلة جديدة في علاقته بالمجتمع بكافة مكوناته، فالأصل أنه مسؤول أمام الشعب، وعليه أن يقدم سياساته وبرامجه، ومن حق المجتمع أن يراقبه، ويقبل منه أو يرفضه، ولكن السيسي يصر على أن من حقه أن يحصل على كل شيء ولا يسأل عن أي شيء..
ويستنكف أن يسأل الناس عن مردود ممارسته في التعليم والصحة وباقي الخدمات العامة، والأدهى أنه جعل من نفسه الرقيب والمحاسب للمجتمع، وذلك من خلال تصريحه "إذا سألتوني عن التعليم، فأنا أسألكم عن تحديد النسل".
حالة تغول من قبل مؤسسات الجيش على الاقتصاد المدني، حيث تمت إزاحة شركات القطاعين العام والخاص من المنافسة على الحصول على المشروعات العامة، سواء الخدمية أو الإنتاجية، فاتجهت وزارة الإنتاج الحربي في عهد السيسي لإبرام اتفاقيات مع كافة الوزارات لتوريد احتياجاتها من السلع والخدمات، وكذلك تنفيذ الاستثمارات الخاصة بها.
ووجد قطاع الأعمال المدني نفسه مجرد مقاول باطن لدى مؤسسات الجيش، ولا يجرؤ على منافسته، فمؤسسات الجيش في وضع احتكاري لمقدرات الاقتصاد القومي بمصر.
ولم يجد مجتمع الأعمال أي مشاركة ملموسة في عملية التشريع الخاصة بالجوانب الاقتصادية، أو صنع السياسات التي تنال من نشاطه بشكل كبير، فالبنك المركزي أصبح هو الذي يقود السياسة الاقتصادية من منظور السياسة النقدية، التي تسببت في أضرار كبيرة لباقي مكونات السياسة الاقتصادية.
فالمنتجون والمستثمرون والتجار والعمال اقتصر دورهم فقط على تنفيذ ما يصدر من البنك المركزي من سياسات وقرارات، بغض النظر عن تأثيرها السلبي على الصناعة وقدرتها على المنافسة المحلية والأجنبية.
والمنتجون لم تعد لديهم قدرة كافية على التكيف مع تكاليف الإنتاج التي أصبحت خارج سيطرتهم، والعمال أصبحوا عرضة لقرارات التصفية للمشروعات العامة، ولا يسعهم سوى اللجوء للعمل في القطاع الاقتصادي غير المنظم.
للإنكليز مقولة مشهورة هي "لا ضرائب بدون تمثيل برلماني"، بمعنى أن دافعي الضرائب لكي يطمئنوا على أن ما دفعوه من ضرائب تم توجيهه بشكل صحيح لخدمة المجتمع، فلا بد من مشاركة برلمانية جادة من خلال انتخابات حرة ونزيهة.
ولكن يلاحظ أن البرلمان بعد انقلاب 3 يوليو، عاد إلى ما كانت عليه الأمور في عهد مبارك، حيث يتم تشكيل البرلمان وفق رغبات الجهات الأمنية والمخابرات.
لقد تم تمرير العديد من القوانين والسياسات الاقتصادية من البرلمان دون رقابة أو مواجهة مع الحكومة، بل كان دور البرلمان هو مباركة خطوات الحكومة التي أضرت بمصالح المجتمع.
فالضرائب التي ارتفعت من 318 مليار جنيه في عام 2014 إلى نحو 969 مليار جنيه في موازنة 2020/ 2021، أي أنها تمثل ثلاثة أضعاف ما كانت عليه في عام 2014. ويتم ذلك في ظل رفع الدعم عن العديد من السلع والخدمات، وارتفاع قيمة الديون، وخصخصة العديد من المؤسسات العامة.
في الوقت الذي يقوم فيه السيسي بتصفية الشركة القومية للإسمنت، يتجه الجيش لإنشاء مصنع جديد في محافظة بني سويف (جنوب القاهرة)، بكلفة تصل إلى 1.1 مليار دولار، وكذلك في الوقت الذي يتجه فيه الجيش للاستحواذ على ثلاثة مصانع للحديد من القطاع الخاص (الجارحي، وبشاي، والمصريون)، تقوم الحكومة بالإعلان عن تصفية أكبر شركة لصناعة الحديد في الشرق الأوسط.
وهي أمور تنم عن عشوائية وسوء تخطيط، فمن يدير اقتصاد دولة، وبخاصة في ظل أوضاع تعاني فيها الدولة من مشكلات، يجب أن تتوفر لديه رؤية كلية، وأن يوازن بين قراراته، فكان الأولى بالحكومة أن تحافظ على الشركة القومية للإسمنت من خلال إنتاج ما يلزمها على خطوط إنتاج الشركة، بدلًا من إنشاء مصنع جديد، وكذلك الأمر بالنسبة لشركة الحديد والصلب. ويبقى في الختام أن نشير إلى أن الثقة لا تأتي جبرًا من طرف على طرف، ولكنها تأتي من خلال اختيار حر.