أصبح ارتفاع أسعار العديد من السلع والخدمات سمة أساسية في حياة المصريين، ويرصد هذا الارتفاع مؤشر التضخم الذي شهد ارتفاعات متتالية على مدار الشهور الماضية، كان آخرها في يوليو/تموز الماضي بنحو 2.3% مقارنة بالشهر السابق. ويعزو البعض هذا التضخم إلى تنامي الاحتكارات وغياب الرقابة.
ويتوقع الخبراء أن تكون معدلات التضخم في أغسطس/آب الحالي أكبر بسبب ارتفاع أسعار العديد من السلع مع قدوم شهر رمضان.
وفي خطوة للحد من ارتفاع معدلات التضخم، استخدم البنك المركزي المصري أحد أدوات السياسة النقدية بسحب جزء من السيولة من الجهاز المصرفي بلغت 50 مليار جنيه (8.7 مليارات دولار) من خلال مزادين لطلب ودائع لمدة أسبوع وأسبوعين على التوالي.
"
أزمة التضخم بمصر ترجع إلى الاحتكارات التي تحكم العديد من السلع والخدمات، فكل سلعة يحتكر استيرادها أو تسويقها على المستوى الوطني مجموعة من رجال الأعمال أو التجار
"
ويرى أستاذ الاقتصاد بأكادييمة السادات للعلوم الإدارية أنور النقيب أن التضخم في مصر "لا يرجع إلى الطلب، حتى نقوم بسحب جزء من السيولة للتأثير على حجمه".
وقد أثرت الأزمة المالية العالمية على مقدرات الدخل والعمل لدى المصريين، كما انخفضت أسعار السلع الزراعية بشكل كبير، ومن هنا فالطلب في مصر يشهد تراجعًا عما كان عليه قبل الأزمة، حسب النقيب.
ويرجع السبب في أزمة التضخم بمصر وفقا للنقيب إلى الاحتكارات التي تحكم العديد من السلع والخدمات، فكل سلعة يحتكر استيرادها أو تسويقها على المستوى الوطني مجموعة من رجال الأعمال أو التجار.
وأشار إلى أن سحب البنك المركزي مبلغ 50 مليار جنيه لن يكون له أثر ملموس، بسبب توفر الجهاز المصرفي على سيولة كبيرة غير موظفة تبلغ نحو 450 مليار جنيه (79 مليار دولار).
وأضاف أن العلاج الناجع لمشكلة التضخم يتطلب كسر طوق الاحتكارات من خلال دور الدولة، للسيطرة على أسعار السلع التي تشهد ارتفاعات متالية بلا مبرر.
وأكد أن ذلك لا يتعارض مع اقتصادات السوق، فالدولة تتدخل لإعادة التوازن وتصحيح الأسعار، أو تفعيل آليات اقتصادات السوق بحرية الاستيراد في العديد من السلع التي يحتكر البعض استيرادها.
من جهته قال الخبير الاقتصادي عب دالخالق فاروق إن التأثير في حجم السيولة من وجهة النظر الاقتصادية صحيح ومطلوب، ولكن الحالة المصرية تشهد ارتفاعا كبيرا في السيولة بالجهاز المصرفي لا يوظف منها سوى 50%، كما تعاني الأسواق من انفلات أسعار السلع والخدمات.
ولا توجد رقابة حكومية فعالة، لا من حيث السعر أو الجودة، فضلا عن عدم تفعيل قوانين التجارة التي تحدد هامش الربح في حدود تتراوح بين 20-25%، بعد احتساب تكاليف الإنتاج.
ويضيف فاروق أن ما يزيد من حدة مشكلة التضخم عدم عدالة توزيع الثروة, حيث يوجد نحو 2000 شخص يحصلون هم وأسرهم على نحو 200 مليار جنيه (35.1 مليار دولار) سنويًا من الدخل القومي، وتصل حصتهم من الاستهلاك إلى نحو 35%.
وفي المقابل تشهد مداخيل سكان المحافظات الريفية -التي تمثل نحو 57% من السكان– تراجعا ملحوظا، وبالتالي فإن آثار التضخم في الأرياف تكون أكبر من آثاره في المدن.