تولي رئاسة وزراء مصر بعد الانقلاب العسكري في يوليو/تموز 2013 حازم الببلاوي الذي يجمع بين الجانب الأكاديمي والخبرة العملية، عبر توليه العديد من الوظائف التنفيذية بالمؤسسات المالية المحلية والإقليمية.
وجاء بعده إبراهيم محلب الذي يحسب على طبقة التكنوقراط، وعلى الرغم من ممارسته للسياسة مدة طويلة إبان عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، ثم أتى التكليف الوزاري الأخير ليأتي بالمهندس شريف إسماعيل، صاحب الخبرة بمجال البترول، ليشكل الحكومة الثالثة بعد مضي أكثر من عامين على الانقلاب.
والملاحظ أن الأداء الاقتصادي على مدار العامين الماضيين لم يعرف تحسنا ملحوظًا، كما كان متوقعا في ظل التركيبة الأيديولوجية المختلطة بحكومة الببلاوي، ولا في ظل حكومة أبناء النظام والدولة المؤيدين بشكل كبير للانقلاب، فالتراجع بالمؤشرات الاقتصادية الكلية أصبح باديا لكل ذي عينين.
فهل سيضيف إسماعيل جديدا بعد تكليفه بتشكل الحكومة لتحسين واقع الاقتصاد المصري، من رفع معدلات النمو الاقتصادي، وخروج البلاد من أزمتها التمويلية، وتراجع ميزانها التجاري، وتحسين معدلات الفقر والبطالة، وهل سينجح في تطوير مناخ الاستثمار ليستجلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ويوقف هجرة الشباب للخارج؟
ولا يرى النائب السابق بمجلس الشورى محمد الفقي أنه سيكون ثمة تغيير بالسياسات الاقتصادية المتبعة والتي تنحاز للأغنياء على حساب الطبقة المتوسطة والفقيرة، فالتغير المنتظر في حكومة إسماعيل مجرد تغير وجوه، وذلك ما وقع إبان تشكيل حكومة محلب.
ويضيف الفقي -الذي سبق أن ترأس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس الشورى- أن الإنجاز الذي يحدث في ظل حكومات الانقلاب العسكري هو سلبي مثل ارتفاع معدلات الفساد، والذي اتسمت به حكومة محلب على مدار عام تقريبا، أو زيادة حدة الفقر والبطالة والتضخم، وارتفاع قيمة الدين العام ليصل لنحو 2.6 تريليون جنيه (332 مليار دولار).
وأكد النائب السابق، في تصريح للجزيرة نت، أن المؤسسات المصرية في ظل الانقلاب تظل شكلية، وأن الأمور تدار في ضوء ثقافة العسكر وهي ثقافة الأوامر، ولا توجد خطط حقيقية لدى أي وزير أو مؤسسة لإصلاح الأوضاع المختلة اقتصاديا في البلاد.
وشدد الفقي على أن أي حكومة قادمة لا تولي حقوق الفقراء والمهمشين الاهتمام المناسب، ولا تنحاز إليهم أو تعمل لصالحهم سيكون مصيرها الفشل "فحياة الناس تزداد صعوبة يوما بعد يوم، وليس هناك مجال لاتباع المزيد من السياسات الرأسمالية المتوحشة".
ويشير الاقتصادي محمد رمضان إلى أن التحدي كبير أمام كل من يتولى السلطة حاليا، حيث تتراكم المشكلات الاقتصادية دون حل منذ فترة طويلة، وحتى قبل ثورة 25 يناير. ويضيف أن نجاح أو فشل حكومة إسماعيل سيتحدد بناء على امتلاكها رؤية لحل المشكلات الاقتصادية المعقدة، سواء في الأجل القصير أو المتوسط والطويل.
ويطالب، في تصريح للجزيرة نت، أجهزة الدولة المختلفة بالتعاون مع الحكومات القادمة، وألا يكون دورها فقط قاصرا على الحديث عن نقص الإمكانيات وتفاقم المشكلات، فالمطلوب مثلا في ملف الفساد أن يحاسب مرتكبو جرائم الفساد على وجه السرعة، والعمل على تنقية الجهاز الحكومي من الفاسد وغير ذلك.
ونبه رمضان على ضرورة أن تتخلى حكومة إسماعيل عن العمل وفق سياسة الجزر المنعزلة التي اتسمت بها السياسات الاقتصادية العامين الماضيين، خاصة فيما يخص السياسة النقدية والمالية، وأشار لضرورة أن تكون للحكومة أجندة تنموية واضحة، ليكون عملها منصبا على إيجاد حلول جذرية وليس مجرد مسكنات