أصحاب الدخول الصغيرة في مصر كثيرًا ما يرون أن مسيرة العدالة الاجتماعية أمامها طريق طويل حتى يستفيدوا من ثمارها بعد الثورة.
لكن في خطوة قد تقصر هذا الطريق لهذه الفئة، أعلن الرئيس المصري محمد مرسي عن رفع حد الإعفاء الضريبي السنوي ليصل إلى 12 ألف جنيه مصري (1780 دولارا) سنويًا، وهو ما يعني استفادة نحو 2.5 مليون من العاملين بهذه الميزة، التي تعفي نحو 250 جنيها إضافيا من دخولهم الشهرية من الخضوع للتعامل الضريبي.
ويرى الخبراء أن هذا الإعفاء من شأنه أن يحدث نوعا من التوازن مع الضرائب المنتظر زيادتها على بعض السلع الخاضعة لضريبة المبيعات، ومن جهة أخرى ستحدث هذه الخطوة إنعاشا للطلب لدى الشريحة المستفيدة من هذا الإعفاء.
ويرى الخبير الاقتصادي ممدوح أحمد أن هذه الخطوة تنتظر أن تدخل حيز التنفيذ من خلال تشريع تقدمه الحكومة لمجلس الشورى، إذ إن الأمر لا يزال في إطار وعد رئاسي.
وقال أحمد للجزيرة نت إن عملية التشريع قد تستغرق وقتا قصيرا نظرًا لحالة التوافق بين مجلس الشورى، الذي تسيطر عليه أغلبية إسلامية، ومؤسسة الرئاسة.
وأكد أحمد أن هذه الخطوة في حال تنفيذها سوف تؤدي إلى تخفيف الأعباء من حيث العمل بمصلحة الضرائب، فلن تحتفظ مصلحة الضرائب بملفات لديها لهذه الفئة من العاملين، وهو ما يعني اتجاه العاملين إلى التركيز على أصحاب الدخول الأعلى الذين تؤدي متابعتهم إلى تحسين الحصيلة الضريبية.
من جهة أخرى سوف تؤدي هذه الخطوة إلى تخفيف الأعباء المعيشية للشريحة المستفيدة من هذا الإعفاء، حيث سيكون بمقدورهم الحصول على سلع وخدمات من خلال التحسن الحاصل في دخولهم المعفي من الضرائب.
كما ستستقبل السوق نحو 3 مليارات جنيه ينفقها العاملون المستفيدون من هذا الإعفاء، وتمتاز هذه الشريحة -حسب وصف أحمد- بأن ميلها الحدي للاستهلاك مرتفع، وهو ما سيساعد على تحريك عجلة النشاط الاقتصادي في مصر نحو الرواج.
ويطالب الخبير الاقتصادي ممدوح أحمد الحكومة بضرورة وجود رقابة حقيقية وصارمة على الأسواق حتى لا يستغل التجار الظرف ويقومون بزيادة الأسعار، وبذلك تصبح الزيادة في الدخول للمستفيدين من الإعفاء الضريبي مجرد زيادة نقدية، وليست زيادة حقيقية تؤدي إلى استفادتهم من قدر أكبر من السلع والخدمات.
أما الخبير الضريبي نصر فياض فيتفق مع أحمد فيما ستؤدي إليه هذه الخطوة من رواج اقتصادي وارتفاع مستويات الاستهلاك لدى أصحاب الدخول من الشريحة الدنيا بالطبقة المتوسطة في المجتمع المصري.
ويؤكد فياض للجزيرة نت أن الاتجاه نحو هذا الإجراء من شأنه أن يحدث تبني سياسة اقتصادية توسعية وليست انكماشية، وهو المطلوب الآن في ظل حالة الركود التي يعاني منها الاقتصاد المصري.
ويبين فياض أن الأثر على الموازنة العامة لهذه الخطوة سيكون سلبيًا حيث ستنخفض الحصيلة الضريبية بقيمة هذا الإعفاء، والذي يقدر بنحو 3 مليارات جنيه، وهو أثر محتمل من وجهة نظر فياض.
ويوضح فياض أن الرقم المطلق للإعفاء يقدر بنحو 3 مليارات جنيه لكنه سيحدث رواجا في النشاط الاقتصادي يفوق هذا الرقم بكثير، حيث سيتم توفير فرص عمل جديدة، وبالتالي المستفيدون من فرص العمل هذه ستكون لديهم دخول جديدة، ويساهمون كذلك في زيادة معدلات الاستهلاك.
لكن الأهم من وجهة نظر فياض أن الرواج المنتظر من هذا الإعفاء وتوليد فرص عمل جديدة سيؤديان إلى استقرار اجتماعي، وهو ما تحتاجه مصر في هذه المرحلة.
وعن مدى تأثير الزيادة المنتظرة بالضريبة العامة على المبيعات على بعض السلع خلال المرحلة القادمة على استفادة العاملين من هذا الإعفاء، أجاب فياض بأن السلع المرشحة للزيادة لا تمثل احتياجات أساسية للمواطنين مثل السجائر والخمور وسلع أخرى وليست ذات أهمية لشريحة المستفيدين من الإعفاء الضريبي.