ممارسات الفساد في العراق منذ وقوعه تحت الاحتلال الأميركي في عام 2003 لا تنقطع، ولعل الحديث عن ثروة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي خير دليل، على فساد الحكومات التي تشكلت منذ نقل السلطة من الاحتلال إلى العراقيين.
إلا أن اللافت للنظر أن الحكومة العراقية الحالية تتحدث عن عجز بموازنتها لعام 2015 يبلغ نحو 21 مليار دولار، وتسببت الأجواء التي تعيشها العراق في تحقيق هذا العجز، من انخفاض سعر النفط عالمياً، وتراجع الإنتاج النفطي، وكذلك الحرب المفتوحة داخل الأراضي العراقية مع "داعش".
الحلول التي تطرحها الحكومة كلها تصب في إطار عدم المحاسبة، فما بين إصدار سندات بفائدة 9% لمدة 10 سنوات، أو تحويل أصول مصرفية لبنوك محلية لسندات، أو بيع حصص من النفط العراقي مقدمًا، أو فرض ضرائب.
لكن لم يسأل أحد بالحكومة العراقية نفسه، عن ممارسات الفساد للمسؤولين السابقين، ومحاسبتهم عن تلك الثروات الطائلة، بل إن المسؤولين الحاليين شركاء في منظومة الفساد التي تنتظم الكثير من الأعمال الحكومية، وخير شاهد على ذلك أن السندات التي تفكر الحكومة في طرحها بالسوق الدولية لتغطية عجز الموازنة يُقترح أن تكون عند سعر 9%، وهو من أعلى معدلات الفائدة في الأسواق العالمية.
فالمعروف أن سعر الفائدة في السوق الأميركية بحدود الصفر و0.25%، فكيف تطرح العراق سنداتها بهذا السعر المبالغ فيه؟ وهل يعقل أن بلدًا نفطياً ولديه احتياطيات من النفط بمعدلات عالية، أن تكون ديونه في السوق الدولية عالية المخاطر بهذا الشكل.
حتى وإن كانت هناك مخاطر تتعلق بالحرب على "داعش" فهي حرب يتحمل تكلفتها العديد من الأطراف، ولا يتصور أن يستمر "داعش" في الأجلين المتوسط والطويل، وبالتالي هناك مستفيدون من فكرة طرح السندات بهذه المعدلات العالية لسعر الفائدة.
ثم أين احتياطيات النقد الأجنبي التي كونها العراق على مدار الفترة الماضية، والتي تصل حاليًا إلى 68 مليار دولار، بعد أن كانت 77 مليار دولار نهاية عام 2013؟
إذا كان العراق يريد طرح سندات بالسوق الدولية ولديه هذا الاحتياطي، فيمكنه توظيف نسبة منه في سد عجز الموازنة، وبخاصة أن للعراق موردًا ريعيًا متجدداً من النفط.
وفي الوقت الذي تفكر فيه الحكومة العراقية بالاقتراض الداخلي والخارجي، أو فرض ضرائب، لم تستحضر متطلبات المرحلة التي تمر بها البلاد، وتبحث وراء تلك الأخبار التي تداولتها وسائل الإعلام الغربية عن ثروات المسؤولين السابقين، التي تضخمت بشكل كبير.