نشر صندوق النقد الدولي مؤخرًا تقريراً بعثته عن زيارة مشاورات المادة الرابعة مع السعودية، لعام 2015، وبين التقرير تأثر الوضع المالي السعودي بسبب انخفاض أسعار النفط، وتوقع أن يصل العجز بموازنة المملكة 20% من الناتج المحلي.
ويطمئن التقرير لعدم تأثر الاقتصاد السعودي في الأجل القصير بتراجع الإيرادات النفطية، لعدم تراجع معدلات الإنتاج، واستمرار تدفق الإيرادات المادية، وارتفاع المدخرات الحكومية بالجهاز المصرفي.
إلا أن الملاحظة المهمة التي أغفلها تقرير صندوق النقد الدولي، ولا يمكن أن تمر دون أن يكون لها أثرها على وضع الموازنة السعودية، هي مشاركة المملكة في الحرب على الحوثيين باليمن.
فعاصفة الحزم بدأت في نهاية شهر مارس/آذار 2015، بقيادة السعودية، ولها تكلفتها الكبيرة، خاصة أن الحرب لم تعد قاصرة على تكلفة الضربات الجوية، فالحوثيون لجأوا إلى استهداف الدوريات الحدودية، ومحاولة نقل الحرب لداخل الأراضي السعودية، عبر استهداف بعض الجسور والمناطق السكانية في الحدود القريبة من اليمن.
ولا يتضح بعد المدى الزمني لهذه الحرب، مما يعني أن تكلفتها ستكون مجهولة، ولا يمكن التنبؤ بها في الأجل القصير، بسبب الأبعاد الإقليمية لها.
إلا أن دلالات الحرب في تعميق العجز بموازنة المملكة ووضعها المالي، ستكون واضحة، مما يجعل تنبؤات صندوق النقد غير دقيقة فيما يتعلق بتقديرات العجز عند نسبة 20% من الناتج المحلي.
فالبعض تصور أن الحرب على اليمن ستنتهي بعد مضي شهر من بدايتها، مع الإعلان عما سمي بـ"إعادة الأمل"، لكن عادت الضربات الجوية مرة أخرى، لتفتح صفحة جديدة من تكلفة مادية ممتدة سيتكبدها الاقتصاد السعودي.
إن الأبعاد الاقتصادية لحرب السعودية على الحوثيين باليمن، غير خافية على أحد، وأنها ممتدة في إطارها الإقليمي، ويتوقع البعض أن تكون نواة لاستنزاف الاقتصادين السعودي والإيراني معاً على المديين المتوسط والطويل، فهل خشيت بعثة صندوق النقد البعد السياسي في تقريرها عن الاقتصاد السعودي؟
المفترض أن بعثة صندوق النقد فنية، ويعد تقريرها من المصادر التي يعتمد عليها المستثمرون في بناء قراراتهم الاستراتيجية.
ولا شك أن إهمال بُعد مهم مثل تكلفة هذه الحرب على الاقتصاد السعودي تعد سقطة في تقرير الصندوق، فالتقرير أدرج السماح للمستثمرين الأجانب بالبورصة على أنه حدث إيجابي، ونوه إلى أهمية إصدار سندات حكومية لتغطية العجز، في حين أهمل أثر تكلفة الحرب على الاقتصاد.