قبل أيام، تصدرت الصفحة الاقتصادية لإحدى الصحف الخليجية ذائعة الصيت، صورة لمدير إحدى شركات استقدام العمالة، وهو يقف بجوار عاملات آسيويات، تم استقدامهن للعمل كخادمات في البيوت.
وفي الخبر المنشور مع الصورة عدّد المدير الجهود التي بذلت من أجل استقدام هؤلاء العاملات، وأن شركات الاستقدام تواجه تحديات كبيرة في توفير هذه النوعية من العمالة.
المصيبة التي تنزل على القارئ كالصاعقة، أن البلد الذي استقدم الخادمات، تعاني نساؤه من نسبة بطالة بينهن تصل إلى 80%، بسبب التصنيفات السيئة للوظائف، وأن هناك مهنا شريفة وأخرى مبتذلة، ثم يتم الحديث عن توطين العمالة في هذا البلد!
يجب أن تتغير ثقافة المجتمع تجاه العمل، كما هو موجود في كثير من البلدان التي نهضت من التخلف إلى التنمية، فماليزيا مثلًا بها عدد سكان يقارب سكان السعودية، وقد لاحظت بحكم إقامتي في هذا البلد لعدة أشهر، أنها تستحق التقدم، فالمرأة هناك تخوض كل مجالات العمل، فهي تشغل منصب محافظ البنك المركزي، وتعمل في قطاعات الإنتاج والخدمات بأشكالها، وفي قيادة الحافلات العامة والشرطة وغيرها من المجالات.
لذلك وصلت ماليزيا إلى مرحلة التشغيل الكامل منذ عام 1995، وبدأت في استقدام العمالة الأجنبية. نفس الشيء وجدته في تركيا، المرأة موجودة في كل مناحي العمل، ولدى الأتراك بشكل عام احترام شديد لقيمة العمل.
السؤال: متى تنتهي مشاكل مجتمعاتنا المصطنعة؟ لقد كثرت الكتابات التربوية منذ فترة طويلة عن سلبيات استقدام خادمات أجنبيات من ثقافات غير العربية، مما أدى إلى تشويه سلوك أبناء المجتمعات التي تعتمد على استقدام هؤلاء.
إن الخطر الذي تتركه ظاهرة استقدام العاملات الأجنبيات في خدمة البيوت، لا يقتصر فقط على ما تعانيه شركات الاستقدام من مشكلات عدم الوفرة، أو زيادة التكاليف، بمقدار ما تعكسه الظاهرة من قيمة سلبية تجاه العمل لدى الأسرة، فتكبر البنت والولد على ازدراء العمل في مهن معينة، أو إهدار الوقت والجهد تحت مظلة البطالة، وزيادة الاعتماد على الخارج في كل شيء.
فمتى تخرج المرأة الخليجية لتمارس دورها في العمل الاقتصادي، سواء في بيتها أو خارجه وفق ضوابط شرعية ومراعاة للتقاليد والعادات الإيجابية التي تنظر للمرأة على أنها إنسان له دور لا ينبغي التخلف عنه، كما تقوم به شقيقاتها في ماليزيا وتركيا وغيرها من البلدان؟
المرأة طاقة ومورد بشري، وإهداره يعتبر أحد مظاهر التخلف.