ثمة منافسة بين العديد من العواصم والمدن العربية والعالمية على الفوز بلقب "عاصمة الاقتصاد الإسلامي" أو الجزء الأكبر من كعكة صناعة التمويل الإسلامي، أو على الأقل التفاخر بتقديم منتجات المصرفية الإسلامية، أو محاولات تصدير بعض المنتجات، خاصة في مجالي الغذاء الحلال والملابس العصرية الخاصة بالعالم الإسلامي، وكأن العبرة هي قصر الاقتصاد الإسلامي على منتج مصرفي أو سلعة يتم ترويجها في إطار رغبات المستهلكين المسلمين.
من بين هذه العواصم والمدن إسطنبول ودبي وماليزيا والبحرين، بل إن عواصم أوروبية أخرى تسعى وبقوة للدخول في هذه المنافسة، منها لندن التي باتت مركزا رئيسيا للشركات الدولية الراغبة في إصدار السندات الإسلامية، وكذا ألمانيا التي سمحت قبل أيام بتأسيس أول بنك إسلامي في البلاد، كما قدم نواب روس مشروع قانون للبرلمان للسماح بالتمويل الإسلامي؛ سعيا إلى جذب استثمارات خارجية، وهناك محاولات من دول أخرى.
إن الاقتصاد الإسلامي يدور في إطار المقاصد العامة للشريعة، من حفظ للنفس والعقل والدين والعرض والمال. فمعيار نجاح عاصمة ما في تحقيق هذه المقاصد، يجعلها عاصمة للاقتصاد الإسلامي، لكن البعض قصر هذا الاقتصاد على المصارف الإسلامية، وقصر عمل هذه المصارف في عدم التمويل بالفائدة.
بينما حقيقة الاقتصاد الإسلامي في أن يوظف المال في إطار فلسفة عمارة الأرض، فكل إعمار حقيقي للأرض يساعد في تلبية احتياجات الإنسان الحقيقية ويعينه على حياة كريمة، تحترم فيها إنسانيته وتصان فيها كرامته، هو من الأعمال المعتبرة حسب فلسفة الاقتصاد الإسلامي.
إن عاصمة الاقتصاد الإسلامي هي تلك العاصمة التي تخرج منها منتجات تسد حاجة الجوعى، وتكسو العريان، وتوفر فرص عمل، وتعمل على إسعاد الناس بحياة كريمة.
إن استحضار هدف نبيل يتطلب سلوكا يناسب الهدف، وليس متناقضا معه، فمما يحتاجه المسلمون، أن ينتجوا غذاءهم في بلادهم، وألا يكونوا تحت وطأة الاستيراد وتقلبات السوق الدولية، إن فجوة الغذاء السنوية في العالم العربي فقط تصل إلى 60 مليار دولار.
فإذا أنتج المسلمون غذاءهم في بلدانهم، فهل يحتاجون لتسويق "منتجات حلال"؟ فهي بلا شك ستتوافق وطبيعة الشروط الشرعية لطبيعة الغذاء.
لقد نجح تسويق منتجات "حلال" في الغرب نظرا لكثرة المغتربين المسلمين هناك، ولكن ما ضرورة أن يسوق هذا المنتج في دول إسلامية وعربية، لعله جنون التسويق ليس أكثر.