إسرائيل تستهدف في حربها على غزة استنزاف القطاع اقتصاديا من خلال تدمير البنية الأساسية والمباني الحكومية والمباني السكنية ذات القيمة المرتفعة.
من المهم هنا أن نشير إلى أن غزة على الرغم من محدودية مساحتها الجغرافية، مقارنة بمناطق أخرى شهدت عمليات إعادة إعمار، فهي تختلف عن تلك المناطق من ناحية مهمة جدا، وهي تمتعها بثروة بشرية كبيرة، فعدد سكان القطاع يزيد عن مليوني نسمة، فضلا عن تمتعها بالكفاءات اللازمة لإعادة الإعمار، سواء من ناحية توفير الفرق الهندسية القادرة على القيام بعمليات التخطيط والتصميم، كذلك التنفيذ من خلال الأيدي العاملة المتوفرة بشكل كبير.
ومن هنا فالقيام بإعادة إعمار غزة يعوزه فقط توفير التمويل، وبالتالي فقيام الشركات والمؤسسات في غزة بعملية إعادة الإعمار سوف يحقق أكثر من فائدة اقتصادية واجتماعية في آن واحد، فتنفيذ إعادة الإعمار من خلال شركات المقاولات بغزة، أو من خلال المكاتب الهندسية، سوف يعوضها عن خسائرها بشكل كبير عن خسائرها خلال الفترة الماضية، سواء خلال فترة الحصار الممتدة لأكثر من 16 عاما، أو خلال الحرب الإسرائيلية.
ومن غير المقبول أن يتم التعامل مع الشركات والمؤسسات في غزة عبر آلية "مقاول الباطن"، فذلك يعني دخول وسطاء في عملية إعادة الإعمار، ومحاولة مزاحمة الفلسطينيين بغزة في أمر لا يحتمل المزاحمة.
إن كان الإعمار ينال البنية التحتية والمنشآت، فإن الإنسان هو الأكثر أهمية، والاعتناء به يأتي في المقام الأول، فمن أجل الإنسان تتم عملية الإعمار وإعادة الإعمار، وقد نتج عن الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة أكثر من 217 شهيدا، وأكثر من 1500 جريح، فضلا عن النازحين الذين تركوا بيوتهم بعد تدميرها، ولجؤوا إلى المدارس وغيرها.
وهؤلاء أمام تحديات كبيرة، فما بين أسرة فقدت عائلها، أو بعض أفرادها، أو مصاب لديه إعاقة مستديمة تعوقع عن الكسب والحركة، أو نازح فقد كل ما يملك وعليه أن يبدأ حياته من الصفر، وبلا شك أن ذلك يتطلب أوجها للمساعدة، منها المادي والنفسي، وكلاهما ضروري، وينبغي أن يدرج ضمن خطة إعادة الإعمار.
فمن حق الإنسان في فلسطين أن يتمتع بكامل حقوقه في الحياة مثل بقية شعوب العالم، وبعد أكثر من 7 عقود من الاحتلال آن للفلسطينيين أن يكون لهم وطن مستقل يتمتعون فيه بكامل حقوقهم التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان