ينتظر الخليج المزيد من الإجراءات الاقتصادية السلبية، في ظل أزمة أسعار النفط، والتي يتوقع لها أن تستمر على الأقل في الأجل المتوسط، وفي هذا الإطار نشرت وكالة "رويترز" أخيرًا تصريحات لرئيسة صندوق النقد الدولي كريستيان لاغارد تحث فيها دول الخليج على فرض ضريبة القيمة المضافة، من أجل إنعاش الإيرادات الحكومية، كما دعت حكومات الخليج بمراجعة دقيقة للإنفاق العام.
وثمة مجموعة من الإجراءات اتخذتها دول الخليج في إطار معالجة المالية العامة وعجز الموازنة، مثل مراجعة بنود الدعم، والاتجاه لإعادة النظر في الوظائف الحكومية، وكذلك إصدار سندات محلية لتمويل عجز الموازنة، والسحب من احتياطيات النقد الأجنبي.
وبلا شك فإن فرض ضرائب يعد من أحد أهم أدوات السياسة المالية، وبخاصة في ظل الأزمات، ولكن لابد من النظر إلى أبعاد اتخاذ أي قرار اقتصادي ومعرفة الأثر المالي له، وهو ما يشغل عادة اهتمام خبراء صندوق النقد، ولكن هناك أثر آخر يشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية.
ولذلك على صانع السياسة الاقتصادية في دول الخليج، أن ينظر على أن هذه الضريبة التي تقترحها لاغارد، أنها تأتي في ظل تراجع في الانفاق العام، وإمكانية حدوث حالة من الركود الاقتصادي نتيجة هذا التراجع بلا شك.
ولذلك ستكون الضريبة في هذه الحالة عبء على المواطنين، وقد تساهم في خفض الاستهلاك، وبخاصة لدى الوافدين، الذين لن تتحسن دخولهم في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعيشها الخليج.
الوافدون ليسوا عددًا بسيطًا في الخليج، والتأثير على دخولهم، وكذلك معدلات استهلاكهم، سوف يعمق من الركود، والفكر الاقتصادي يوصي صانع السياسة بأن يسير عكس اتجاه الأزمة.
بمعنى إذا كانت مظاهر الأزمة تعكس حدوث ركود فعليه أن يدفع بمزيد من زيادة الانفاق (سواء العام أو الخاص) لزيادة الاستهلاك وتشغيل المؤسسات الإنتاجية والخدمية.
فأميركا منذ ما يزيد على 5 سنوات، لم تحرك سعر الفائدة عن مستوياته المتدنية، ما بين صفر و0.25%، لتشجيع الإقراض سواء للمستثمرين أو المستهلكين، وقد جنت أميركا من هذه السياسة أن معدل البطالة في سبتمبر/أيلول الماضي كان بحدود 5%، وهو معدل يعتبره الاقتصاديون أقرب لنسب التشغيل الكامل.
ويجب على صانع السياسة الاقتصادية بدول الخليج، أن يوازن بين مكونات السياسة الاقتصادية (النقدية، والمالية، والتجارية، والاستثمارية، والتشغيل)، وألا يتخذ من القرارات ما يؤدي لمعالجة جانب على حساب جوانب أخرى.