في ظل الأزمة المالية العالمية، هناك حالة ترقب للقمة الاقتصادية العربية التي تستضيفها الكويت يوم 19 يناير/ كانون الثاني الحالي، وما ستسفر عنه من نتائج يأمل البعض أن تخفف من الآثار السلبية للأزمة المالية وتكون بداية حقيقية لتفعيل التكامل الاقتصادي العربي.
ولكن جاء الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة ليحدث انقساماً عربيا حول طريقة التعامل مع هذا الاعتداء، فهل سيؤثر هذا الانقسام على انعقاد القمة، وما هي جدوى انعقادها في ضوء الانقسام العربي؟
يقول خبير بجامعة الدول العربية إن القمة الاقتصادية المرتقبة جاءت بناء على قرار قمة الرياض عام 2007، الذي يقول "تعقد قمة تخصص فقط للنواحي الاقتصادية والاجتماعية والتنموية" وكأن التوجه لانعقاد القمة هو الفصل بين الشأن السياسي والاقتصادي.
ويستبعد محمد عبد المنعم فكرة التأجيل أو الإلغاء، وأن العرب هذه المرة حريصون على تحسين صورتهم أمام العالم، وأن خلافاتهم السياسية لا تمنع تحقيق التعاون أو التكامل الاقتصادي.
ويضيف أن الإعداد للقمة أخذ مجموعة من الترتيبات الجيدة مثل وجود منتديات متخصصة، واجتماعات تحضيرية على مستوى وزراء المالية والاقتصاد. ثم لأول مرة يعقد على هامش القمة مؤتمر يشمل رجال الأعمال العرب والمجتمع المدني، وكل ذلك يدلل على أن القمة هذه المرة مختلفة عن سابقتها، وأن مبررات نجاحها كثيرة.
"
مصطفي السيد: العرب أضيروا من الأزمة المالية العالمية بصور شتى على مدار عامي 2007 و2008 وهذه الأزمات تستدعي عقد قمة اقتصادية عربية
"
ومن المتوقع أن تخرج عن القمة مجموعة من الأوراق: الأولي تختص بإعلان المبادئ العامة، والثانية عن برنامج عمل ووسيلة تنفيذه والثالثة عن مشروعات الاستثمار والتنمية، والرابعة حصيلة المنتديات المختلفة التي عقدت في إطار التحضير لأعمال القمة.
كما أكد عبد المنعم وجود رغبة عربية شديدة لدى الحكومات والشعوب العربية لإنجاح القمة الاقتصادية، وأن "التوترات التي تشهدها الساحة العربية للأسف تأتي من خارج العالم العربي وليست من داخله".
ويرى السفير محمد عادل الصفطي أن التداعيات السياسية التي جلبتها أحداث الاعتداء على غزة بلا شك سوف تؤثر على القمة الاقتصادية العربية المرتقبة في الكويت "ولكن هذا التأثير قد يأخذ أحد الأشكال الآتية: التأجيل لأسبوع أو أسبوعين، وإما تنعقد في إطار شكلي لا يؤدي إلى تحقيق النتائج المرجوة منها". فقد تتجه بعض الدول إلى تقليل درجة تمثيلها في المؤتمر بدلا من الإلغاء "وهذا بدوره يؤثر على ما يصدر عن القمة من قرارات وتوصيات".
ويقول أيضا إنه لا بد من تعلم الدرس من التجربة الأوروبية، حيث أخذ الاقتصاد بزمام كثير من المبادرات نحو الوئام السياسي للدول الأوروبية "وفي الحالة العربية نلاحظ أن الخلافات السياسية كانت دائماً عائقاً أمام مشروع الوحدة أو التكامل الاقتصادي العربي".
وعند إمكانيات نجاح القمة في حالة انعقادها يوضح الصفطي أن ذلك مرهون بأمرين: الأول وجود الإرادة السياسية لإنجاح القمة والخروج بنتائجها إلى حيز التنفيذ، والأمر الثاني هو تغليب المصالح الاقتصادية لكافة الأطراف الاقتصادية العربية.
ويرى مصطفي السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أنه لا ينبغي وقف كل الأنشطة العربية من أجل وجود خلافات سياسية ترتبط بطرق معالجة الأزمة الفلسطينية، أو وجود خلافات بين الحكومات العربية.
ويضيف: فالعرب أضيروا من الأزمة المالية العالمية بصور شتى مثل انخفاض عوائد البترول وتراجع معدلات الاستثمار الأجنبي المباشر، وكذلك تراجع معدلات تدفق السائحين، وما ترتب على أزمة الغذاء على مدار عامي 2007 و2008.
ويقول د. السيد أيضا: هذه أزمات عاجلة تستدعي وجود قمة اقتصادية عربية، فالجميع يبحث عن مخرج لهذه المشكلات، والخلافات العربية الموجودة لا ترقى إلى مستوى القطيعة الاقتصادية التي شهدتها الساحة العربية بعض الفترات الماضية.