من إجمالي 15 دولة عربية أتيحت عنها بيانات تتعلق بالدين العام، تبين أن هناك 7 دول تتجاوز الحدود الآمنة للدين العام، كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، والمتعارف عليه، وفق اتفاقية ماسترخت التي نظمت قواعد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، أن الحدود الآمنة للدين العام ألا يتجاوز نسبة 60% من الناتج المحلي الإجمالي.
لكن بيانات التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2014، تبين أن هناك 7 دول عربية يتجاوز الدين العام فيها سقف الـ60% كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول في عام 2013. وكان السودان أحسن هذه الدول بنسبة دين عام بلغ 70.7% من الناتج المحلي، تلته تونس 72.4%، ثم المغرب 79.3%، فالأردن 86%، ثم مصر 105%، وموريتانيا 122.4%، فلبنان 150%.
ومن هنا، نلمس حالة الفجوة التمويلية التي تعاني منها هذه البلدان العربية، وتأثيرها على أدائها الاقتصادي، فمشكلة المديونية العامة لهذه البلدان تمثل حالة من الحلقة المفرغة لأداء اقتصادات هذه الدول، فالدين العام بالنسبة لها أصبح سببا ونتيجة.
فخدمة هذه الديون أصبحت رقمًا مهمًا في أداء موازنات هذه الدول العام، من حيث الأقساط والفوائد، وبالتالي تؤثر بالسلب على تقديم الخدمات في قطاعات التعليم والصحة. ولذلك فإن معظم هذه البلدان تلجأ إلى صندوق النقد الدولي من جهة لتدبير احتياجاتها التمويلية، ومن جهة أخرى تسارع هذه الدول إلى تبني برامج للتخلص من الدعم الحكومي، خاصة المتعلق بالطاقة.
ولعل حالة لبنان هي الأشد من حيث عبء أزمة المديونية العامة، بسبب الأجواء السياسية التي تحيط بها منذ سنوات، وتنعكس على أدائها الاقتصادي. ومما يسبب استمرار مشكلة الدين العام في لبنان، وقبولها للزيادة، غياب البرلمان كسلطة رقابية على أداء الحكومة، ووضعها أمام مسؤوليتها بتبني برنامج اقتصادي للتخلص من عبء المديونية العامة، والوصول بها إلى الحدود الآمنة، وهي نسبة 60% من الناتج المحلي الإجمالي.
كما يلاحظ على الدول العربية التي تزداد فيها أزمة المديونية العامة أنها جميعًا من الدول المستوردة للنفط. ولعل ارتفاع أسعار النفط، خلال السنوات الماضية، قد أسهم بشكل كبير في تراكم المديونيات لهذه الدول، وإن كانت لبنان تمثل حالة خاصة بين هذه الدول، إذ إنها لا تقدم أي دعم في مجال الطاقة.
وما لم تتدارك هذه الدول أمرها في معالجة أزمة المديونية العامة، فسيكون السيناريو القادم أسوأ، سواء فيما يتعلق بتصنيفها الائتماني، أو تصدير عبء المديونية للأجيال القادمة.