فشل الحوثيون في تكليف الوزارة السابقة بتسيير الأعمال، ما اضطرهم لاعتقال البعض، وهناك شبه انهيار كامل لمؤسسات الدولة، ومما أربك المشهد اليمني بشكل كبير، خروج الرئيس اليمني من مكان احتجازه، ومحاولته إدارة شؤون الدولة من عدن، وبذلك تكون للدولة إدارتان، واحدة في صنعاء والأخرى في عدن.
لكن الحدث الأخطر والمنتظر خلال الأيام المقبلة، هو تفكك المؤسسات المالية، مثل البنك المركزي، ووزارة المالية، ومؤسسات الإحصاء، والأجهزة الرقابية، ما يجعلنا نقف أمام المجهول حول مستقبل الاقتصاد اليمني.
إن قرار مجلس الأمن، الصادر 24 فبراير/ شباط الحالي، مدّد العقوبات المالية المفروضة على الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح واثنين من قيادات الحوثيين، وقد يشمل آخرين، أو يمتد لأدوات أخرى تشمل المؤسسات المالية، إذا لم يستجب الحوثيون لمتطلبات قرار مجلس الأمن السابق الذي أمهلهم أسبوعين لتسليم السلطة، أو إذ فشلت البعثة الدولية في الوصول لحل سياسي بحلول منتصف مارس/ آذار.
إن انهيار المؤسسات المالية باليمن يعني الفوضى بكل ما تعنيه الكلمة من معان، بل قد تُمحى العملة الوطنية، ويسير التعامل الاقتصادي بأحد العملات الأجنبية التي تحظى بالقبول لدى السوق.
وعلى الفصائل اليمنية أن تحافظ على تلك المؤسسات، وألا يدخلوها في دائرة الصراع القائم بينهم، فهي صمام أمان لما تبقى من ملامح الدولة في اليمن، وما يمكن البناء عليه مستقبلاً إذا ما توصلوا لحل سياسي سلمي يضمن عودة الدولة.
إن غياب المؤسسات المالية للدولة اليمنية سوف يحرمها من المساعدات الإنسانية دولياً، ما يؤثر على الفقراء بشكل كبير، ويفتح الباب لتلك المساعدات الملونة بالتبعية السياسية من هنا وهناك، وبالتالي لا يُطعم الفقير لكونه لا ينتمي لفصيل سياسي معيّن، بل قد تشترى ولاءات الفقراء، وهم كثر، حيث تتجاوز نسبتهم 60% من السكان.
إن وجود 3 ملايين يمني يعملون بالخليج، ويقومون بتحويل مدخراتهم أو جزء منها لأسرهم باليمن، سوف يواجه صعوبات كثيرة في حالة سقوط المؤسسات المالية، وستكون الوسيلة الوحيدة للتحويل التسليم المباشر عن طريق الأفراد، وهو أمر يزيد من صعوبات حياة الأسر اليمنية، فضلاً عن افتقادها للأمن.
إن انهيار المؤسسات المالية ستكون له تداعيات سلبية كثيرة اجتماعياً واقتصادياً، ففي ظل حدوث هذا الخطر لا تسأل عن مسؤولية الدولة في دفع رواتب الموظفين العاملين لديها.