في عقد التسعينيات سعى الاتحاد الأوروبي إلى توقيع اتفاقيات للشراكة مع دول عربية مطلة على البحر المتوسط. وكان ضمن الأهداف المعلنة، أن الغرض من الاتفاقيات انتقال العلاقة بين الطرفين من المعونات إلى الشراكة من جهة، ومن جهة أخرى الحد من ظاهرة الهجرة إلى الدول الأوروبية، حيث إن هذه الشراكات ستتيح فرص عمل ومناخا يساعد على استقرار الأفراد في الدول العربية، مما يجعلهم لا يفكرون في الهجرة، لكن الواقع العملي لم يسفر عن تواجد استثمارات أوروبية تسمح بتحقيق هذا الهدف.
بينما الواقع الحالي والذي تديره بعض الدول الغربية، يشهد استمرار مسلسل الحروب في المنطقة. وليس من قبيل المؤامرة القول إن أميركا وبعض الدول الغربية تقف خلف إفشال ثورات الربيع العربي، لإعلانها تبني مشروعات مستقلة للتنمية، تسمح بإفادة الشعوب العربية من ثرواتها، وتعيد رسم العلاقات الاقتصادية الخارجية لهذه الدول في إطار من الندية وليس التبعية.
ورغم وجود هذه الاستراتيجيات من خارج المنطقة، فلا نجد أي محاولة لتبني استراتيجية ذاتية من الدول العربية، قوامها الحفاظ على مقومات المنطقة الاقتصادية، من أجل بناء نهضة تنموية.
إن تجربة دول جنوب شرق آسيا، نجحت في تبني هذه الاستراتيجية من خلال تجنيب دولها الدخول في حروب بينية من أجل الحدود أو أية مصادر أخرى للنزاع، مما جعلها تركز في إنفاقها العام على التنمية، وهو ما انعكس إيجابيًا عليها، وارتفعت معدلات التنمية فيها بصورة غير مسبوقة، مما ساعدها في تحقيق استقرارها سياسيًا وأمنيًا.
ونظرة للتكلفة التنموية للحروب، نجد أن فاتورة الحروب في المنطقة طويلة، مثل تلك التي تدفع بشكل مستمر لشراء السلاح، حيث تشير بيانات تقرير المعهد الدولي للسلام إلى أن إنفاق السعودية والإمارات في 2013 بلغ 107 مليارات دولار، من بين 150 مليار دولار أنفقتها دول المنطقة.
ونستطيع القول إن الإنفاق على التسليح في المنطقة العربية لم يعد يجدي، فبعد إنفاق نظامين مستبدين في ليبيا والعراق (عهد القذافي في ليبيا، وصدام في العراق) مبالغ طائلة قد يصعب الوصول إلى رقم حقيقي بشأنها، احتُل العراق، وتفككت ليبيا. وحتى بعد التحرر المزعوم في العراق، تشير إحصاءات معهد السلام الدولي إلى أن العراق أنفق على التسليح في 2013، نحو 8 مليارات دولار، ومع ذلك تفكك الجيش العراقي وفشل في مقاومة داعش في عام 2014.