نبه خبراء عرب في مؤتمر بالقاهرة إلى أن الإنفاق على ميزانيات الدفاع والأمن في الوطن العربي يعطل التنمية, وأشاروا في هذا الإطار إلى أن نصف الدول العربية تحتل مراتب متقدمة فيما يتعلق بالإنفاق العسكري والأمني.
وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة عبد المنعم المشاط إنه لا توجد في الوطن العربي رقابة على ميزانيات الدفاع والأمن إلا في الكويت حيث تناقش في جلسة مغلقة.
وأضاف المشاط في مداخلة بالمؤتمر -الذي عقد الأربعاء والخميس بعنوان "تحديد أولويات الإنفاق العام في مصر والدول العربية"- أنه لا توجد دولة عربية واحدة من بين الثلاثين دولة المصنفة على أنها أقل إنفاقا على الدفاع في العالم، في حين أن هناك 11 دولة عربية على لائحة 22 دولة تعد أعلى إنفاقا على الدفاع.
وأشار إلى أن سلطنة عمان هي أكبر دول العالم من حيث نسبة الإنفاق على الدفاع إلى الناتج القومي الإجمالي 11.04%. وأشار أيضا إلى أن واردات السعودية من الأسلحة بلغت 38 مليار دولار في 2009.
واعتبر المشاط أن إنفاق الدول العربية على الدفاع هو خصم من الإنفاق على التنمية فكلها تعتمد على استيراد السلاح بالكامل وليس بينها دولة واحدة مصنعة للسلاح عكس البلدان المتقدمة. ففي هذه الأخيرة يعد الإنفاق على الدفاع وصناعة السلاح مصدرا هاما للتنمية وتغذية الصناعات المدنية بالتكنولوجيا المتقدمة.
واستدل على ذلك بإسرائيل التي تصدر أسلحة بنحو 12 مليار دولار سنويا. ووصف الواقع العربي بأنه ترجمة لمقولة "التنمية في خدمة الدفاع" عكس الدولة المتقدمة التي تجعل من الدفاع خادما للتنمية.
وبين المشاط أن محددات الإنفاق العربي على الدفاع ترجع لثقافة النظم الحاكمة وغياب الديمقراطية، فضلاً عن التهديد الإسرائيلي وحالة عدم الاستقرار السياسي والأمني بالمنطقة.
وخلال عرضه لتجربة لبنان حول تحديد أولويات الإنفاق، أشار أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأميركية في بيروت سعيد عيسى إلى أن لبنان لم يعتمد موازنته السنوية منذ 2005 بسبب حالة عدم الاستقرار السياسي.
"
لبنان لم يقر موازنة سنوية منذ 2005 بسبب عدم الاستقرار السياسي الذي كان سائدا إلى ما قبل تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة سعد الحريري
"
وقال إن تحديد أولويات الإنفاق في الموازنة اللبنانية لا يخضع للمعايير الاقتصادية والتنموية بقدر ما يخضع للاعتبارات السياسية والطائفية، وهو الأمر الذي تسبب في عدم تحقيق عائد اجتماعي واقتصادي معتبر من هذا الإنفاق.
وأوضح أن قضية الدين العام في لبنان تعتبر من القضايا الشائكة الكبرى في الموازنة اللبنانية إذ يتوقع أن يبلغ في نهاية 2009 نحو 50 مليار دولار أي ما نسبته 151% من حجم الناتج المحلي الإجمالي للبنان.
وأشار إلى غياب إحصاءات دقيقة عن الدخول الحقيقية للأفراد بسبب التحويلات غير الرسمية من الخارج (تحويلات اللبنانيين العاملين بالخارج 28.5% من حجم الناتج المحلي الإجمالي) والتهرب الضريبي، وإهدار المال العام في مؤسسة الكهرباء التي بلغت ديونها عام 2009 نحو 12 مليار دولار.
من جهته, أشار أستاذ الاقتصاد بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمغرب د. محمد الشيكار في ورقته حول الاقتصاد السياسي لمحددات الإنفاق العام بالمغرب إلى وجود مخالفة دستورية، حيث تم فتح حساب مستقل لعوائد الخصخصة بالبنك المركزي المغربي، وعدم إدراج هذا الدخل في إيرادات الموازنة.
وقال إن هذا يخل بمبدأ وحدة الموازنة، وإن الحكومة لم تغير الأمر رغم تنبيهها إلى هذه المخالفة من نحو 97 نائبًًا بالبرلمان, واعتبرت أن تصرفها لا يتعارض مع الدستور.
ونبه الشيكار إلى عودة الحكومة مرة أخرى إلى مراعاة الجوانب الاجتماعية في الإنفاق العام نظرًا للأضرار التي ترتبت على تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي.
ولاحظ في هذا السياق أن الإنفاق على الجوانب الاجتماعية فاق 50% من حجم الموازنة لعام 2008 من أجل تحسين خدمات التعليم والصحة، وخدمة المهمشين والفقراء. وأشار إلى الدور الرقابي الفاعل لنواب البرلمان في مناقشة الموازنة الاستثمارية مقارنة بموازنة التسيير.