الرئيسية / العالم العربي / اقتصاد غزة المقاوم وكفاءة تخصيص الإنفاق

اقتصاد غزة المقاوم وكفاءة تخصيص الإنفاق

  • بقلم: أ. عبد الحافظ الصاوي
  • 14-11-2019
  • 101
اقتصاد غزة المقاوم وكفاءة تخصيص الإنفاق
  • المصدر: الجزيرة مباشر

لم يشر تقرير معهد استكهولم لدراسات السلام في أي من تقاريره الخاصة برصد إنفاق الدول على التسليح والدفاع، أن قطاع غزة ضمن مستوردي السلاح من الخارج، أو ما هو حجم الإنفاق على التسليح بالقطاع، ولكن الكيان الصهيوني لديه حجم إنفاق معلوم 15.9 مليار دولار، وبما يعادل 4.3% من ناتجه المحلي في 2018، هذا فضلًا عما يتلقاه من معونة سنوية عسكرية من أمريكا.

وعلى نسق الكيان الصهيوني تتسابق الدول الخليجية ومصر في استيراد السلاح والإنفاق على الدفاع، وسط نتائج شديدة السلبية فيما يتعلق بتحقيق الأمن الخارجي أو الداخلي.

ولكن قطاع غزة بما يملكه من إمكانيات محدودة، وتصنيع محلي لمجموعة من الصواريخ ومؤخرًا بعض الطائرات بدون طيار، استطاع أن يحقق ما يسمى بتوازن الرعب، وإجبار الكيان الصهيوني في كل مرة على الانسحاب خارج القطاع، وقتل وأسر جنوده، وبعض كبار قادته.

وتميز الأداء الدفاعي لقطاع غزة، بالرد المباشر والسريع، والذي لا يعطي للكيان الصهيوني فرصة لإحساسه بنشوة النصر، أو تصدير خطاب إعلامي لتسويق نفسه داخليًا وإقليميًا كمنتصر في عملياته القذرة ضد المدنيين العزل في قطاع غزة.

منذ عام 2006 يعيش قطاع غزة حالة من الحصار الاقتصادي الخانق، ويصاحب هذه الجريمة عمليات قصف من قبل الكيان الصهيوني تستهدف المدنيين، ورموز المقاومة من الفصائل الفلسطينية، فضلًا عن قيام الكيان الصهيوني بحروب كاملة أكثر من مرة على قطاع غزة، وكانت تنتهي في كل مرة بثبات المقاومة، وتمكنها من إنزال خسائر بينة في مجتمع وجيش الكيان الصهيوني، مما يدفع الكيان الصهيوني في كل مرة لطلب توسيط أطراف عربية لوقف إطلاق النار. 

ومؤخرًا استهدف الكيان الصهيوني القيادي بحركة الجهاد الإسلامي بهاء الدين أبو العطا وأسرته، فضلًا عن 18 شهيدًا آخر ، والعديد من الجرحى، ولكن مع اللحظات الأولى لهذا الاعتداء، كان رد المقاومة، باتجاه المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، وإرباك حركة الحياة الاقتصادية والمدنية هناك.

وحسب موقع روسيا اليوم، فقد أغلقت البنوك والمؤسسات الاقتصادية بالمستوطنات القريبة من قطاع غزة أبوابها، مع بدء توجيه صواريخ المقاومة، كما طالبت حكومة الكيان الصهيوني الشركات لإغلاق أبوابها، كما تأثرت حركة الأسهم بالبورصة في الكيان الصهيوني بشكل سلبي، وانخفضت قيمة سنداته في السوق الدولية، أما قطاع السياحة في الكيان الصهيوني فهو أكبر المتضررين، حيث تتوقف حركة السياحة الخارجية وكذلك إشغالات الفنادق في مثل هذه الظروف.

إنفاق كفء

في المالية العامة، هناك قاعدة تحدد كفاءة الإنفاق بالعائد منه، بغض النظر عن قيمته، فقد يكون الإنفاق كبيرًا ولكنه غير كفء، لان العائد منه ضعيف أو منعدم، كما هو الحال مثلًا في الإنفاق السعودي على الدفاع بقيمة تقترب من 70 مليار دولار، ولكنها عاجزة عن تأمين حدودها أو منشآتها الداخلية على أراضيها أمام صواريخ وطائرات الحوثيين، فضلًا عن فشلها في تحقيق نصر في حربها التي بدأتها في اليمن منذ مارس 2015.

وقد يكون الإنفاق شديد الصغر كما هو موجود في قطاع غزة، من خلال ما تنتجه من صواريخ وطائرات بدون طيار، ولكنها فعالة في إدارة الصراع مع الصهاينة، على الرغم مما يمتلكونه من جيش نظامي وترسانة أسلحة متطورة، وتلقيهم للعديد من الدعم المادي والتكنولوجي من أمريكا.

إن أهم ما يميز تخصيص الإنفاق داخل غزة في قطاع الدفاع، ليس فقط الإنفاق المباشر على الأسلحة البسيطة -مقارنة بما يملكه الكيان الصهيوني- ولكن الإنفاق غير المباشر على إعداد الموارد البشرية، التي تقوم بالبحث العلمي وتصميم النماذج، وإخراجها لحيز التنفيذ، وكذلك جنود المقاومة وتأهيلهم للقيام بمهامهم القتالية في إدارة الصراع مع الكيان الصهيوني.

لذلك تركز العمليات القذرة للكيان الصهيوني على الكوادر البشرية بشكل رئيس، وبخاصة أصحاب العقول في مجال الإدارة القتالية، كما حدث مع العديد من قيادات الفصائل الفلسطينية المقاومة في غزة وغيرها من باقي الأراضي المحتلة، أو مع العقول التي تعمل على تطوير القدرات القتالية للمقاومة كما حدث مع م يحيى عياش في الأراضي الفلسطينية، أو مع م محمد الزواري في تونس، أو مع الفلسطيني د محمد البطش المتخصص في الهندسة الكهربائية في ماليزيا.

إن أداء اقتصاد المقاومة في قطاع غزة على مدار الفترة من 2006 وحتى الآن، كشف أداء الدول العربية التي تدعي مقاومة الكيان الصهيوني، وعلى رأسها نظام الأسد، الذي يتلقى الضربات الصهيونية، ولا يملك إلا التصريح بأنه يحتفظ لنفسه بحق الرد، حتى صارت أراضيه مرتعًا للاستعمار الإيراني والروسي والصهيوني.