في إطار ما ذكره تقرير بعثة صندوق النقد الدولي للسعودية في 17 أغسطس/آب الحالي، من مخاوف على أداء المالية العامة، أوصى التقرير بمجموعة إصلاحات لتقليل عجز الموازنة، والذي يتوقع أن يصل إلى 19.5% من الناتج المحلي بنهاية عام 2015 حسب الصندوق.
ولا تتوقف مخاوف الصندوق عند تزايد العجز، ولكنه يتخوف كذلك من تناقص احتياطيات النقد الأجنبي، ولذلك أوصى بضرورة أن تشمل الإصلاحات المطلوبة لترشيد الإنفاق وزيادة الإيرادات العامة، وجود إصلاحات شاملة بأسعار الطاقة، وإحكام السيطرة على فاتورة الأجور في القطاع العام، ورفع كفاءة استثمارات القطاع العام.
ومن أجل زيادة الإيرادات غير النفطية، أوصى التقرير باستحداث ضريبة القيمة المضافة، وضريبة على الأراضي، وكذلك تمويل جزء من عجز الموازنة من خلال سندات الدين.
وبينما أدخلت الإمارات توصيات صندوق النقد للتطبيق العملي، من خلال تحرير أسعار الوقود، مطلع أغسطس/آب، فإن ثمة تساؤلا حول مدى استجابة السعودية لتوصيات الصندوق في مجال أسعار الطاقة بنفس سرعة الإمارات.
الملاحظ أن روشتة صندوق النقد لا تعرف إلا إجراءات واحدة، تصر عليها، بغض النظر عن طبيعة كل بلد، والتي تختلف بلا شك عن البلدان الأخرى، فتحرير أسعار الطاقة في السعودية كخطوة أولى دون خطوات تتعلق بترشيد استخدام الوقود حكوميا وأهليا، لها تداعياتها السلبية على التضخم بشكل كبير، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية السلبية في المملكة.
والسيطرة على فاتورة الأجور في القطاع العام ضرورية، ولكن علاج الأمر لا يتوقف فقط على وقف الوظائف في القطاع العام، والتوجه للقطاع الخاص، فهناك هيكل للبدلات والمكافآت يعاني من فساد، وغياب المعايير الإدارية السليمة، ولا بد من استيعاب أن القطاع الخاص يعتمد بشكل كبير على الإنفاق الحكومي، وتقليص هذا الإنفاق سوف يؤثر بشكل كبير على الوظائف في القطاع الخاص.
وبدلًا من أن يتحدث تقرير الصندوق عن العوائد على الاستثمارات السعودية التراكمية في الخارج، وكذلك التوجه لاستثمار جيد لاحتياطيات النقد الأجنبي، ينصح بتمويل عجز الموازنة بسندات الدين.
وفي ما يتعلق بالضرائب فلا غبار عليه، فكما أن الضرائب إحدى أدوات تحسين الإيرادات، فهي أيضاً أداة لعدالة توزيع الدخل، فهل توفر لصندوق النقد صورة حقيقية عن عدالة توزيع الدخل في المجتمع السعودي، حتى يذكر أنه لا بد من فرض ضرائب جديدة؟