تشير تقديرات صندوق النقد العربي، إلى أن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للعالم العربي سيبلغ 3%، خلال 2015، وذلك على تفاوت بين الدول النفطية وغير النفطية. وقد يرى البعض هذا المعدل مرضيا في ظل ظروف الاقتصاد العالمي الذي يعاني من ركود ممتد.
ويفسر الانخفاض في معدل النمو إلى 3%، بعد أن كان 3.2% في 2014، بسبب أزمة انهيار أسعار النفط، التي ألمت بالدول المصدرة منذ يونيو/حزيران الماضي، أو الأحداث التي يعيشها العالم العربي من توتر سياسي وأمني وحرب أهلية في بعض الدول، أو دخول دول الخليج في حرب مباشرة على الحوثيين في اليمن.
المعدل المنخفض للنمو، يكرس للعديد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، التي أججت الأوضاع في الدول العربية، فمعدل النمو المنخفض المتوقع تحقيقه بنهاية 2015، لا يتناسب أبدا مع زيادة معدلات الزيادة السكانية التي بلغت نحو 2.6%.
وهو ما يعني أن تستمر البطالة بمعدلاتها المرتفعة التي تصل إلى نحو 20%، والتي تعد من أعلى النسب بين أقاليم العالم، وكذلك يتوقع في ظل معدل النمو المنخفض أن تزداد حدة الفقر في المنطقة، ويتطلب مواجهة البطالة، أن تحقق المنطقة معدل نمو 7% على مدار 10 سنوات على الأقل.
اعتماد النمو في المنطقة بشكل كبير على المصدر الريعي الأول، وهو النفط، أدى إلى هشاشته، وكرس لتعرض اقتصاد المنطقة للتقلبات الخارجية. ومما يزيد من حدة تداعيات انخفاض النمو، أن العالم العربي سقط في مشروعه التكاملي منذ عقود، وافتقد التنسيق المناسب بين دوله على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي.
إن التحدي الذي يواجه اقتصادات العالم العربي معلوم منذ سنوات، وهو أن هذه الاقتصادات لم تسع إلى إحداث تغيير هيكلي في ناتجها الإجمالي، وأنها تعتمد بشكل رئيس على تصدير المواد الأولية، وعلى رأسها النفط، أو السلع الزراعية أو الصناعات التقليدية.
ولم تنجح الدول العربية، خلال العقود الماضية، في الدخول إلى إنتاج السلع أو الخدمات ذات القيمة المضافة العالية، على الرغم من تمتع المنطقة بوفورات نفطية، ولكنها كانت تبدد في الحروب، أو الاستثمار في قطاعات العقارات وأسواق المال في أوروبا وأميركا.
وسيظل انخفاض معدل النمو يهدد المنطقة العربية، ولا يساعد على تحقيق حياة كريمة للمواطنين، بل سيزيد من استمرار تيار الهجرة إلى دول العالم، وخاصة بعد أن اشتعلت الحروب الأهلية أو البينية داخل المنطقة.