في النصف الثاني من عام 1996م، دعت تركيا إلى تكوين مجموعة الثمانية الإسلامية، وذلك إبان تولي حزب الرفاة الإسلامي مقاليد السلطة، بقيادة نجم الدين أربكان. وقد هدفت المجموعة إلى أن تضم كبرى الدول الإسلامية من قارتي إفريقيا وآسيا من حيث عدد السكان والإمكانيات الاقتصادية، وبالفعل ضمت المجموعة كلا من مصر، وتركيا، وإندونيسيا، وبنجلاديش، وإيران، وباكستان، وماليزيا، ونيجيريا.
ولما كانت الدعوة تتوفر لها الإرادة والرعاية السياسة فقد شكلت هياكلها التنظيمية، ولكن بعد خروج حزب الرفاة الإسلامي من السلطة، أخذت تركيا منحنى آخر كاد أن يعصف بالمجموعة، نظرًا للتوجه العلماني لكل من الجيش وحزب الوطن الأم برئاسة مسعود يلماظ الذي تولى السلطة بعد حزب الرفاة الإٍسلامي، لكن الدول الإسلامية المشاركة وعلى رأسها مصر حرصت على بقاء المجموعة، بينما حرصت تركيا على تغيير اسمها إلى مجموعة الثمانية للتنمية Developing 8، واختصارًا يشار إليها الآن بالـ D - 8.
كان الخبراء يتوقعون أن تكون هذه المجموعة نواة للسوق الإسلامية المشتركة، وقد طلبت بعض الدول الإسلامية الانضمام إلى المجموعة فور الإعلان عن تشكيلها ومن هذه الدول المملكة العربية السعودية والكويت ولكن لم يتحقق لهما ذلك، ومن العوامل التي ساعدت على بلورت فكرة إنشاء المجموعة في ذلك الوقت الجولات التي قام بها رئيس الوزراء التركي حينئذ نجم الدين أربكان، في محيط الدول العربية والإسلامية مما عكس توجهه العربي والإسلامي، فحرص على عقد الصفقات التجارية مع هذه الدول، ولعل أشهر هذه الصفقات، صفقة الغاز مع مصر التي زارها مع وفد من رجال الأعمال وصل إلى قرابة 250 رجل أعمال.
وعلى الرغم من مرور أربع سنوات فإن المناخ العملي لم يَلْمَس تحسنًا في إطار التعاملات الاقتصادية بين دول المجموعة، وإن كانت الاجتماعات الدورية بين المفوضين تتم بشكل شبه منتظم للبحث في مشروعات التعاون المطروحة من قبل دول المجموعة.
بمجرد الإعلان عن تأسيس المجموعة تم تشكيل هيكلها التنظيمي، بحيث يتكون من:
وهي السلطة العليا للمجموعة، وتعقد اجتماعاتها على مستوى رؤساء الدول والحكومات، حيث يتم من خلالها التشاور وتحديد مجالات التعاون بين دول المجموعة، وتعقد اجتماعاتها مرة واحدة سنويًّا أو بناء على طلب إحدى الدول.
وقد عقدت المجموعة اجتماعًا وحيدًا على مستوى القمة في إستنبول بتركيا في 15/6/1997م أسفر عن إصدار وثيقتين أساسيتين هما:
أ - وثيقة تتضمن الهيكل التنظيمي للمجموعة.
ب - إعلان إستنبول الختامي (وهو الإعلان التأسيسي للمجموعة): يتضمن الأهداف ومجالات التعاون.
يتكون من وزراء خارجية دول المجموعة، وهو بمثابة الجهاز السياسي للمجموعة، حيث يقوم المجلس بتقييم التعاون من خلال تقارير أعمال لجنة المفوضين، ويجتمع مرتين كل عام أو كلما دعت الحاجة.
وهي عبارة عن الجهاز التنفيذي للمجموعة، وتضم كبار المسئولين عن الدول المشاركة، ويطلق عليها اسم لجنة المفوضين، وتجتمع مرتين كل عام، وتقدم تقاريرها إلى المجلس الوزاري، ولها صلاحية إنشاء مجموعات العمل التي تراها ضرورية؛ لبحث وتنفيذ مشروعات التعاون بين دول المجموعة.
عقدت لجنة المفوضين خمسة اجتماعات؛ لبحث أوجه التعاون المقترحة وإنشاء مجموعات عمل قطاعية، تشتمل العديد من القطاعات بحيث تتولى كل دولة الإشراف على أحد هذه القطاعات وذلك على النحو التالي:
1- بنجلادش | تنمية ريفية
2- إندونيسيا | تنمية بشرية
3- مصر | التجارة
4- إيران | المعلومات والاتصالات والعلم والتكنولوجيا
5- ماليزيا | التمويل والبنوك والخصخصة
6- نيجيريا | الزراعة
7- باكستان | الصناعة
8- تركيا | الصحة
تقدمت دول المجموعة بحوالي 65 مشروعًا مقترحًا للتعاون بين دول المجموعة في جميع القطاعات السابق ذكرها، تم اختيار 25 مشروعًا منها من قبل لجنة المفوضين، رشح 6 مشروعات منها للتنفيذ، وهي:
- في مجال التجارة: إقامة شركة التسويق الدولية.
- تنمية الموارد البشرية: ورشة عمل في إطار التخفيف من حدة الفقر.
- التمويل والبنوك والخصخصة: إقامة نظام التكافل الإسلامي (تأمين) بما فيها مشروعات مشتركة.
- الزراعة: التعاون في مجال الثروة السمكية في المناطق الساحلية الداخلية.
- الاتصالات والمعلومات: إقامة بنك معلومات صناعية وتكنولوجية.
- الصناعة: تصميم وتطوير إنتاج وتسويق طائرة للأغراض الزراعية.
ولكن هذه المشروعات ما زالت في إطار تصوراتها الأولية ودراسات الجدوى المبدئية.
- بداية يمكن اعتبار جميع دول المجموعة ضمن اقتصاديات الدول النامية، وإن كانت ماليزيا تظهر بوضع اقتصادي أفضل من خلال درجة التصنيع التي تبلغ 47% من إجمالي الناتج المحلي بها، وهو أعلى معدل لدول المجموعة تتساوى معها فيه نيجيريا، وإن كان هناك فارق كبير بين البلدين في عدد السكان ومتوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي، ففي ماليزيا يبلغ 4530 دولارًا في العام، وفي نيجيريا يبلغ 280 دولارًا في العام.
- تعتبر إندونسيا من أكبر دول المجموعة من حيث عدد السكان البالغ 203.4 ملايين نسمة، تليها الباكستان 144 مليون نسمة، ثم بنجلاديش 122.7 مليون نسمة، بينما تأتي ماليزيا كأقل دولة من حيث عدد السكان البالغ 21 مليون نسمة. وتجدر الإشارة إلى أن إجمالي سكان دول المجموعة يبلغ نحو 787.7 مليون نسمة أي حوالي ما يزيد عن نصف سكان العالم الإسلامي.
- تتصدر إندونيسيا دول المجموعة من حيث حجم الديون الخارجية، حيث يبلغ دَيْنُها الخارجي نحو 136 مليار دولار، وهو الأمر الذي أضعف موقفها التفاوضي مع كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي إبان وقوع أزمتها الاقتصادية في عام 1997م. وقد كانت هذه المديونية الكبيرة إحدى النتائج السلبية لمظاهر الفساد في حكومة سوهارتو التي أقبلت مؤخرًا.
وتأتي تركيا في المرتبة الثانية في حجم المديونية الخارجية، حيث بلغ دَيْنها نحو 91.2 مليار دولار، ثم ماليزيا بنحو 47.2 مليار دولار، بينما إيران تعتبر أقل دول المجموعة من حيث ديونها الخارجية، حيث بلغت 15.1 مليار دولار.
- مؤشر الصادرات تتصدر ماليزيا فيه دول المجموعة أيضًا، حيث بلغت صادراتها 73.3 مليار دولار، تليها إندونيسيا 48,8 مليار دولار، ثم تركيا بنحو 25.9 مليار دولار، وتأتي مصر في مؤخرة دول المجموعة بحجم صادرات يبلغ 3.1 مليارات دولار.
يلاحظ أن كلاًّ من ماليزيا وإندونسيا قد صُنِّفَتا ضمن مجموعة النمور الآسيوية السبعة التي اعتمدت مبدأ التصنيع من أجل التصدير، وقد ساعدهما في ذلك تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة وكذلك ارتفاع معدلات الادخار المحلي، ففي ماليزيا بلغ حجم المدخرات المحلية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي 44% وفي إندونيسيا بلغ نحو 31% وهما أعلى معدلات المجموعة، في حين تصل نسبة المدخرات المحلية في باكستان نحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي وهي أقل نسبة لدول المجموعة.
- متوسط المعدل السنوي للتضخم، تعتبر بنجلاديش أفضل دول المجموعة، حيث يبلغ متوسط المعدل السنوي للتضخم بها نحو 3,5%، تليها ماليزيا 5.2%، بينما تُعْتبر تركيا من أكبر دول المجموعة التي تعاني من مشكلة التضخم، حيث بلغ متوسط المعدل السنوي نحو 78,3% (وذلك وفق بيانات الأمم المتحدة عن عام 96).
- المؤشر العام للتنمية البشرية لدول المجموعة حسب تقديرات تقرير عام 1999م الصادر عن برنامج الأمم المتحدة النمائي، يشير إلى أن ستًّا من دول المجموعة مصنفة ضمن الدول التي بها تنمية بشرية متوسطة، وآخر دولتين ضمن دول التنمية البشرية المنخفضة.
(من 1 إلى 174)
الدولة | الترتيب العام
ماليزيا | 56
تركيا | 86
إيران | 95
إندونيسيا | 105
مصر | 120
باكستان | 138
نيجيريا | 146
بنجلاديش | 150
لجدير بالذكر أن هذا التقرير يتناول بالتقييم الأوضاع في 174 دولة من دول العالم.
إذا كانت المجموعة قد أنشئت لتحقيق حلم إسلامي كبير فإن الواقع كان له رأي آخر حال دون تحقيق هذا الحلم حتى الآن، ومن خلال متابعة نشاط المجموعة خلال السنوات الأربع الماضية لوحظ الآتي:
- يلاحظ أن المجموعة أنشئت من خلال توجه عام وهو الانتماء الإسلامي، في حين أن العمل بها يسير الآن وفق تصورات أخرى، فنجد أن دولة مثل تركيا قد وقعت اتفاقية منطقة تجارة حرة مع إسرائيل يجري العمل بها الآن، في حين أن إقامة منطقة حرة مع مصر لا يزال في إطار البحث والدراسة، منذ مدة طويلة وهو ما يعكس حجم الجدية والرغبة في التعامل تحت الإطار الإسلامي للدول.
- معظم دول المجموعة تنتهج الآن منهجًا ليبراليًّا في اقتصادها، ولذا كان من المفترض أن تزداد صور تحرير التجارة بين دول المجموعة، لكن الواقع يعكس غير ذلك حيث تتجه معظم دول المجموعة بتجارتها الخارجية تجاه الاتحاد الأوروبي وأمريكا، ولا يبقى إلا النَّذْر اليسير للتعامل بين دول المجموعة، وهو موجود بطبيعته قبل قيام المجموعة، وهذا يعني أن المجموعة لم تضف جديدًا بعد على التعاون الاقتصادي بين بلداتها.
- تعتبر المجموعة قد فَقَدت الكثير من فاعليتها بخروج أربكان وحزب الفضيلة من السلطة في تركيا، والدليل على ذلك مرور أربع سنوات دون تحسن ملحوظ على حجم المعاملات الاقتصادية والتجارة بين دول المجموعة.
- لا يزال العالم الإسلامي يفتقد إلى وجود آلية تجسد معنى التعاون الاقتصادي بين دوله في ظل التغيرات الإقليمية والدولية التي أعلت من شأن الكيانات الكبرى، وقد تكون هذه واحدة من الفرص التي يمكن أن تُسْتَغل لَسَدِّ هذه الثغرة إِنْ حَسُنَ تَفعِيْلُها.
The embedded asset does not exist:
Asset Type: Image_C
Asset Id: 1177155968704
PAGENAME: Zone-Arabic-Namah/Image_C/ImageBasic
- هذه البيانات جمعت من تقرير التنمية البشرية لعام 1999م، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإغاثي.
جميع البيانات الواردة تخص عام 1997م، باستثناء بيانات البند 7 ، فإنها تخص عام 1996م.