إن نجاح أي منظمة يرتبط بعمل أعضائها في إطار نظام، وخروج أي عضو عن النظام يربك المؤسسة ويؤدي إلى فشلها، وهذا هو واقع منظمة أوبك التي تتهم الدول خارج عضويتها بأنهم سبب الفوائض النفطية، وتقوم هي بعكس ذلك، حيث تشير بيانات المنظمة إلى تحقيق مليوني برميل يومياً فائضاً عن الطلب على نفطها.
إن الإحصاءات تبين أن كلاً من السعودية والإمارات والعراق والكويت، ينتجون بمعدلات أكبر بحجة المحافظة على حصصهم في الأسواق، وبالتالي: كيف يمكن قبول حجة أن هناك حصصاً يتم الحفاظ عليها، في ظل فوائض إنتاجية؟
إن ظاهرة الفوائض النفطية بالسوق العالمي صاحبت أزمة انهيار أسعار النفط منذ منتصف عام 2014، وهي ليست بالظاهرة الغامضة، أو التي لا يمكن قياسها.
والحقيقة أن هذا الزعم غير صحيح، فإقبال هذه الدول على زيادة الإنتاج هو وليد الحاجة للتمويل، إذ تورطت الدول الأربع السابق ذكرها، في حروب وصراعات إقليمية، جعلتهم يعيدون حساباتهم في أوضاعهم المالية، وبخاصة بعد أن أورثتهم أزمة انهيار أسعار النفط عجزاً في موازناتهم العامة.
وإذا كانت بيانات أوبك تفضح أداءها بإنتاج النفط، وتحقيق فوائض بالسوق تؤدي إلى استمرار تذبذب الأسعار عند معدلات منخفضة، فكيف تستطيع أن تلزم الآخرين بأن يلتزموا بعدم تجاوز معدلات مرضية من الإنتاج؟
من الأولى أن تلتزم أوبك بما تطالب به الآخرين أولاً، وإذا كان لجوءها لزيادة الإنتاج لاعتبارات مالية، فلا تتذرع بالحفاظ على حصص الإنتاج، فمن هم خارج أوبك من منتجي النفط لديهم أسباب تدفعهم لذلك أيضاً.
ولا تستطيع أوبك أن تعاقب أعضاءها على مخالفة حصص الإنتاج، ولذلك تفقد السيطرة على الأسعار في السوق الدولية، رغم حصتها الكبيرة والمؤثرة في الإنتاج، بل إن غياب آلية العقاب لمخالفة قرارات أوبك تجعل تلك القرارات كأن لم تكن، وللأسف المنظمة صاحبة تاريخ طويل في هذا المضمار
إن الواقع لم يرصد لنا على الأقل خلال الأزمة الأخيرة وجود مصالح مشتركة لأعضاء أوبك، ولكن يظهر صراع خرج إلى العلن بين كل من السعودية وإيران، وأن مطالب الدول الأعضاء تصدر في شكل رجاءات، وليس حواراً وآليات ضابطة لعمل المنظمة.