حسابات لم تكن متوقعة من قبل المقرضين الدوليين، بأن يقدموا 85 مليار يورو لليونان على مدار ثلاث سنوات، حسب ما أعلنته المفوضية الأوروبية.
القروض الجديدة تمثل 26% من الديون الحالية لأثينا، وهي نسبة غير مسبوقة في حالات التعثر المالي للدول، فقد تم تجاوز العديد من القيود من قبل المانحين الدوليين، وعلى رأسهم صندوق النقد الدولي، الذي لم يعلن تخلف اليونان عن الوفاء بديونها، بعد أن عجزت عن دفع أقساط كنت مستحقة عليها في تواريخ سابقة.
وفي نفس الوقت فإن الحكومات الأوروبية تغاضت عن قواعدها الصارمة باستمرار تقديم الدعم لهذا البلد، فلم ترفع راية الرقابة البرلمانية عن استمرار الدول الأوروبية في دعمها لدولة مفلسة بالفعل، ولم تصدر الدول الأوروبية ورقة ضغوط دافعي الضرائب.
إن ما أعلنته المفوضية الأوروبية بموافقة المقرضين الدوليين على قروض جديدة لليونان، هو سخاء بكل ما تعنيه الكلمة، فهناك دول أخرى لم يكن طلبها ليزيد على مضاعفة حصتها من الاقتراض مرتين أو ثلاثا من صندوق النقد، ولم يُستجب لها، ووضعت كافة العراقيل في وجهها بحجة عدم تقديم إصلاحات هيكلية.
وكانت حالة مصر من أبرز الحالات التي لم يتسامح معها صندوق النقد، وأعلن عن وقف مفاوضاته مع القاهرة غير مرة، في عهد الرئيس محمد مرسي، الذي يُعد أول رئيس مدني منتخب في تاريخ الدولة المصرية.
يبقى التحدي أمام اليونان في أن تحقق حالة نجاح بالوصول باقتصادها لحالة من الاستقرار، في إطار تمويل سنوي يصل إلى 22 مليار يورو، وبلا شك فإن الفاتورة الاجتماعية ستكون عالية، ولكنها تكاد تكون المنفذ الوحيد، أو طوق النجاة لعدم دخول اليونان في حالة الإفلاس الخامسة في تاريخها.
وقد لا يقتصر الدعم الأوروبي لليونان على القروض فقط، بل قد يمتد إلى ضخ استثمارات جديدة يمكنها أن تساند البرامج الاقتصادية التي ستلتزم بها حكومة اليونان، وبما يخفف وطأة قضايا اجتماعية شديدة الحساسية، مثل البطالة، وحقوق المتقاعدين.
والسؤال الذي سيطرح نفسه بقوة على الصعيد الدولي، هو: ماذا لو تعرضت دولة غير أوروبية لمثل حالة اليونان؟ هل سيتضامن معها المقترضون الدوليون؟ أم ستترك لتواجه مشكلات اقتصادية واجتماعية عنيفة، تنتهي باضطرابات سياسية؟
قد يُقرأ موقف الدول الأوروبية بأنه تعاون إقليمي، أو حرص على صورة الاتحاد، أما صندوق النقد الدولي فيحتاج موقفه لتفسير.