يبقى المال أسير فلسفة تديره لتعظم العائد منه، وهذا ما نلمسه من تجارب الصين والهند والبلدان المتقدمة وبعض الصاعدة، لكن مما يؤسف له أن المال في منطقتنا كان وبالًا على أهله، استخدمناه في الحروب البينية والصراعات الداخلية، وفي أحسن الأحوال في المضاربات والأنشطة الريعية.
في العام الماضي أعلنت مجموعة البريكس بقيادة الصين عن إنشاء بنك إقليمي برأسمال 100 مليار دولار لتمويل البنية الأساسية، على أن تتحمل الصين الجزء الأكبر من رأسماله، واختيرت بكين مقرًا له.
كانت الخطوة اليابانية تنافسية في جانبها الإيجابي إذ أعلنت مؤخرًا عن تخصيص 110 مليار دولار على مدار 5 سنوات لتمويل مشروعات التنمية الأساسية في آسيا، وقد يُقرأ التصرف الياباني في ضوء الصراع الصيني الأميركي، على اعتبار سير اليابان في ركاب المخطط الأميركي.
لكن المستفيد في نهاية الصراع هو شعوب المنطقة الآسيوية، خاصة أن التمويل يطال مشروعات البنية الأساسية، التي تتسم تكلفتها التمويلية بالأجل الطويل، وكذلك العائد منها، وبذلك تستطيع آسيا أن توجه المتاح لديها من تمويل ذاتي أو من مصادر أخرى لباقي مشروعات التنمية.
الدرس الذي يغيب عن منطقتنا من التجربة الصينية أو اليابانية، أن المنطقة أولى بأموال دولها، خاصة في ظل حاجة ماسة للتمويل، وكذلك وجود الروابط المتعددة بين العرب.
ففي الوقت الذي تتمتع فيها الدول النفطية العربية بما يزيد عن تريليوني دولار كاستثمارات خارجية، يبقى نصيب الاستثمارات البينية العربية بحدود 10 مليارات دولار سنويًا في المتوسط على مدار الفترة من 2001-2012.
الملاحظ أن الاستثمارات العربية البينية، كانت مشروعاتها غير إنتاجية، ووظفت في جلها بمشروعات ريعية مثل الأنشطة السياحية والعقارية على الرغم من حاجة المنطقة العربية الماسة لتمويل مشروعات التنمية الأساسية.
لا بد أن نذكر أن هناك مؤسسات عربية تقوم بالفعل بتمويل مشروعات التنمية، ولكنها تقوم على استحياء، وبمبالغ هزيلة مقارنة باستثمارات الدول النفطية بأوروبا وأميركا.
إن الأسباب التي دعت كلاً من الصين واليابان لتقديم التمويل لمشروعات البنية الأساسية لدول آسيا، لا تختلف عن تلك الأسباب التي تدفع الدول النفطية العربية لممارسة نفس الفعل في المنطقة العربية.
هناك مصالح إقليمية مشتركة، دفعت الصين واليابان لهذا التمويل، من أبرزها سعيهما لتحقيق مزيد من الاستقرار السياسي والاقتصادي بآسيا، فهل يتعلم العرب الدرس من اليابان والصين؟