لا تلوح في الأفق دلالات على قرب إنهاء أزمة روسيا مع أميركا والغرب، وبالتالي ستظل العقوبات المفروضة على موسكو سارية، لتلقي بظلال سلبية على الاقتصاد الروسي، الذي نجح قبل العقوبات في استقدام استثمارات أوروبية، وأنعش خزائنه بالاحتياطيات الأجنبية من عوائد الغاز والنفط المصدر لأوروبا لقرابة 500 مليار دولار.
ولكن بعد مضي ما يزيد عن عام، اختلفت تقديرات المسؤولين الروس بشأن الآثار السلبية على اقتصادهم جراء العقوبات، فالرئيس فلاديمير بوتين، يرى إمكانية النظر إلى العقوبات على أنها محفزة للتنمية، حتى تستطيع روسيا الاعتماد على نفسها بشكل أكبر.
بينما قبل شهور كان توصيف بوتين للعقوبات المفروضة على بلاده بأنها ضارة، وليست قاتلة، ولكن رئيس الوزراء الروسي، دميتري ميدفيديف، أشار مؤخراً إلى أن خسائر بلاده جراء القيود المفروضة وصلت خلال عام 2014 إلى 26.7 مليار دولار، وتوقع بأن تشتد خلال 2015.
وإذا ما سلمنا بصحة تقدير بوتين، بأن العقوبات ضارة وليست قاتلة، فإن إطالة أمد العقوبات الاقتصادية على بلاده من شأنها أن يحول الضرر إلى قتل.
إن فرص المناورة من قبل روسيا تضيق في ظل تحرك أميركا وأوروبا على نفس المحاور التي يحاول بوتين والإدارة الروسية النفاذ إليها، مثل منطقة الشرق الأوسط، من خلال بيع السلاح لدول مثل إيران أو مصر، أو محاولة فتح أسواق لمنتجات روسية أخرى، أو الدخول لمجال إنتاج النفط في إيران.
فأميركا وأوروبا لديهما علاقات ممتدة بهذه المنطقة، ولديهما نفوذ، يمكنهما من أن تكون أدوات روسيا في المناورة بمنطقة الشرق الأوسط للخروج من الأزمة الاقتصادية محدودة بشكل كبير.
وما بين تخوف ميدفيديف وطمأنة بوتين تظل الأوضاع الاقتصادية في روسيا في وضع سيئ بعد فقدان الأسواق الأوروبية، وكذلك تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر من أوروبا وغيرها من بلدان العالم، وبخاصة أن صادرات روسيا لأوروبا أمكن الاستعاضة عنها من بلدان أخرى، وبخاصة فيما يتعلق بالنفط والغاز.
وعلى ما يبدو فإن توقعات بوتين السابقة بشأن أسعار النفط خلال النصف الثاني من عام 2015 لن تتحقق، حيث توقع بأن تعود الأسعار بعد يونيو/ حزيران القادم إلى الصعود، على أمل أن تستفيد موسكو من هذا الصعود لتعوض ما فقدته من احتياجيات النقد الأجنبي وتقوية موقف عملتها المحلية التي تشهد انخفاضات متتالية.