خلال الأيام الماضية غير منحنى أسعار النفط اتجاهه في السوق الدولية نحو الصعود، فبعد أن استمر في الانخفاض فترة طويلة لدرجة أن سعره لامس 40 دولاراً للبرميل، أخذ في الارتفاع، ليتجاوز سعر برميل النفط "برنت" 60 دولاراً للبرميل، ووصل الخام الأميركي إلى 52 دولاراً، وذلك على الرغم من حالة الفائض في السوق.
لكن المتغير الجديد في سوق النفط، هو تطورات الأحداث في كل من ليبيا واليمن، وما يعكسه التغير من تداعيات إقليمية ودولية. إذ يخشى البعض من حدوث تدخل عسكري خارجي في البلدين، وحدوث هذا الأمر، أو معايشة هواجسه، تكفي لارتفاع أسعار النفط.
إن هذه الهواجس ليست مجرد حالة نفسية، ولكن لها العديد من الشواهد على قرب التدخل العسكري في اليمن مثلاً، من خلال سحب العديد من الدول الأوروبية والخليجية موظفي سفارتهم، وإغلاق السفارات. وكذلك تصريحات أحد المسؤولين الإيطاليين باستعداد بلاده للتدخل العسكري في ليبيا إذا لزم الأمر.
وتعكس المعادلة الإقليمية حالة من الصراع السعودي الإيراني، بشكل خاص، والخليجي الإيراني بشكل عام، ونحن هنا نتحدث عن مكامن النفط في منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً في السعودية أكبر منتج للنفط في العالم، وكذلك إيران بما تمتلكه من احتياطات ضخمة من النفط والغاز، وإذا كانت هذه الحالة من الترقب والهواجس تتسبب في هذا الصعود اليومي في سعر النفط، فما بالنا إذا تحول هذا السيناريو إلى واقع معيش؟
بلا شك فإن أسعار النفط سوف تشهد قفزات سريعة في حالة التدخل العسكري في اليمن وليبيا، أو في أحدهما، وستكون لهذه الحرب تداعياتها السلبية على اقتصادات المنطقة على الرغم من مساهمتها في ارتفاع أسعار النفط.
وتبقى إيران وسلوكها لمعالجة هذه الأزمة الإقليمية محدداً مهماً، سواء في وقوع التدخل العسكري، أو المساهمة في ارتفاع أسعار النفط، فقد تتجنب طهران الدخول إلى هذه الحرب وتبقى بعيدة عن الدخول فيها كما فعلت في العراق، لتحافظ على وضعها الاقتصادي ولتستفيد من ارتفاع أسعار النفط، وتغامر بالحوثيين في اليمن ليواجهوا السيناريوهات المفتوحة للتدخل العسكري.
استمرار حالة التوتر في المنطقة العربية، من خلال أزمتي ليبيا واليمن، كفيلة بالتأثير على أسعار النفط، لكن هل ستسمح الدول الغربية بهذا السيناريو الذي يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط، وهو ما يفسد عليها ميزة الاستفادة من النفط الرخيص؟
تبقى القضية في النهاية محكومة بمآلات المصالح المتوقعة لصالح الغرب وأمريكا تحديداً، بينما الدول العربية تدفع ثمن هذه الحرب المحتملة في كل الأحوال.