ركزت التجربة التنموية لتركيا على التخلص من عقدة تركز علاقاتها الاقتصادية في الإطار الأوروبي أو الأميركي، ولكنها اتجهت في عدة مسارات، منها المنطقة العربية، والدول الإسلامية في آسيا الوسطى، وكذلك في أفريقيا.
وعلى الرغم من تعرض العلاقات الاقتصادية لتركيا مع الدول العربية لمشكلات، خلال العامين الماضيين، إلا أن أنقرة تستكمل استراتيجيتها بتوطيد علاقاتها مع العواصم العربية، مستهدفة رفع تعاملاتها التجارية مع المنطقة إلى نحو 70 مليار دولار في 2017.
وتسبب الموقف التركي من القضايا السياسية الخاصة ببعض الدول، في تأثر تعاملاتها التجارية، مثل قرار مصر بإلغاء العمل باتفاقية الخط الملاحي "الرورو"، أو اتخاذ حكومة طبرق في ليبيا قرارا بحرمان تركيا من تنفيذ مشروعات إعادة الإعمار، أو تهديد بعض الدول الخليجية بسحب استثماراتها من تركيا.
ولكن تفجر أزمة اليمن، وحاجة الخليج إلى دور تركيا المساند في مواجهة إيران، أعاد الأمل في عودة العلاقات الاقتصادية بين الطرفين مرة أخرى، خاصة أن تداعيات الأزمة الاقتصادية تجعل من تركيا منفذًا للسياحة الخليجية أو الاستثمارات، بسبب تفردها بالاستقرار السياسي والأمني مقارنة بمنافسيها من دول المنطقة.
وفي إطار تفعيل علاقات تركيا بالدول العربية شكلت اجتماعا دوريا مع وزراء الاقتصاد والتجارة والاستثمار للدول أعضاء جامعة الدول العربية، وقد استضافت تركيا الاجتماع الأول في سبتمبر/أيلول 2013، وكان الاجتماع الثاني في الكويت الاثنين الماضي 20 أبريل/نيسان الجاري.
وحسب الإحصاءات المنشورة، فإن حجم التبادل التجاري بين تركيا والدول العربية يشهد تطورا ملحوظا، حيث بلغ في عام 2014 نحو 53 مليار دولار، مقارنة بـ57 مليارا في 2013، أي أن هناك تراجعا بنحو 4 مليارات دولار.
لكن التبادل التجاري بين الطرفين كان 7 مليارات دولار في عام 2002، وبذلك تعتبر هناك قفزة بما تحقق في عامي 2013 و2014، فهناك زيادة قدرها نحو 46 مليار دولار على مدار 11 عاما، أي أن متوسط الزيادة السنوي يقدر بنحو 4 مليارات دولار.
وتتميز العلاقة الاقتصادية لتركيا مع العالم العربي بالاتجاه نحو خلق مصالح مشتركة، فهي لا تعتمد على حركة التجارة فقط، ولكنها تسعى دائما إلى وجود استثمارات مشتركة، سواء على أراضيها أو على أراضي الدول العربية.