بنهاية فبراير/شباط تولّد الأمل لدى الدول النفطية في تحسن الأسعار بالسوق الدولية، بعد أن تجاوز خام برنت الـ60 دولاراً للبرميل، والأميركي نحو 53 دولاراً.
وسرت التوقعات بأن منحى الأسعار في طريقه إلى الصعود، وتعويض خسائر الدول النفطية، منذ يونيو 2014.
إلا أن أسعار النفط اتخذت مساراً مغايراً لما كانت عليه في نهاية فبراير/شباط، ووصل خام برنت، حسب أسعار الأربعاء 18 مارس/آذار، إلى نحو 53 دولاراً، والأميركي 44 دولاراً للبرميل، ما يعني أن التوقعات التي كانت تعتمد على احتمال أن يكون النصف الثاني من عام 2015 بداية اتزان الأسعار، تفتقد إلى الواقعية.
ففي ضوء الأزمة الاقتصادية التي تلم بأوروبا، وعدم وضوح تحسن قريب في تلك المنطقة، وتراجع اليورو لصالح الدولار، فإن أسعار النفط ستواصل اتجاه الهبوط، ليس ذلك فحسب، حيث يضاف إلى العوامل السابقة، التعافي الهش للنمو في كافة المناطق في العالم، باستثناء أميركا.
وإذا ما نظرنا إلى الفائض في معروض النفط، وتلك الرجاءات التي تصدرها دول نفطية في أوبك، مثل إيران وفنزويلا، بتخفيض الإنتاج لتحسين الأسعار، نستنتج أن سلوك المنتجين سوف يساعد في استمرار أزمة انهيار أسعار النفط.
فإذا كانت أوبك لا تملك قرار نفسها بتخفيض الإنتاج، وتصر السعودية- أكبر منتج للنفط- على عدم تخفيض الإنتاج، فكيف تستجيب الدول من خارج أوبك إلى ذلك؟
سوف تزداد معاناة الدول المنتجة للنفط من عودة انهيار الأسعار، وتبخر آمالهم في تحسن الأسعار، ما يعني استمرار أزمة الموازنات العامة لتلك الدول، حتى تلك التي تمتلك رصيدًا كبيرًا من الاحتياطات الأجنبية، أو صاحبة الصناديق السيادية الاستثمارية.
وما يزيد من مشكلات الدول النفطية، في ظل عودة تراجع أسعار النفط، أن معظمها يعاني من حالة عدم استقرار سياسي وأمني، حتى تلك الدول النفطية الواقعة خارج المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط، وإن كانت منطقتنا تعاني بشكل واضح، ومرشح للتزايد لحالة عدم الاستقرار السياسي والأمني.
وقد يظن البعض أن عودة تراجع سعر النفط عالميا ترجع بالأساس إلى العوامل الاقتصادية السابقة فحسب، لكن الواقع يشير إلى أن الظاهرة تحركها دوافع سياسية بشكل واضح.
وإلى أن تمتلك الاقتصادات النفطية ومنظمة أوبك، قرارها الداخلي، أو العودة إلى تفعيل دور المنتجين في سوق النفط، ليحدث هذا التوازن الغائب، بين مصالح المنتجين والمستهلكين، فستظل آمال الدول المنتجة بتحسن الأسعار ضربا من الوهم.