على الرغم من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها مصر، سواء في ما يتعلق بالأوضاع الداخلية أو بمؤشرات التعاملات الخارجية، احتفظ شريف إسماعيل رئيس وزراء مصر الجديد بنحو نصف أعضاء المجموعة الاقتصادية في حكومة رئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب.
ويقصد بالمجموعة الاقتصادية: الحقائب الوزارية ذات الطابع الاقتصادي، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، ومنها البترول والتجارة والصناعة والسياحة والزراعة والاستثمار والمالية والتخطيط والتموين والإسكان والكهرباء.
إذ تم تغيير وزير التجارة والصناعة منير فخري عبد النور، ووزيرة التعاون الدولي نجلاء الإهواني، ووزيرة القوى العاملة ناهد العشري. وتمت إقالة وزير الزراعة صلاح هلال قبل تشكيل الوزارة لاتهامه في قضية فساد، في حين احتفظ كل من قدري دميان بحقيبة المالية، وأشرف العربي بحقيبة التخطيط، وأشرف سالمان بحقيبة الاستثمار.
ويرى بعض الاقتصاديين أن التغيير لا يدل على اختلافات أيديولوجية تتعلق بالتوجهات الاقتصادية للوزراء، ولكنه على ما يبدو يتعلق بالأداء، وببعض التصريحات التي صدرت من الوزراء المبعدين أثناء توليهم مهامهم الوزارية، ويرى اقتصاديون آخرون أن التغيير استهدف استكمال المنظومة الليبرالية الجديدة لتتواكب ومتطلبات المنظمات الدولية في الفترة القادمة.
يرى الوكيل السابق للجنة الخطة والموازنة في البرلمان المصري أشرف بدر الدين، أنه لا توجد اختلافات أيديولوجية بين الوزراء السابقين والجدد، فالجميع يؤيد توجه الدولة نحو اقتصاد السوق، والاستجابة للمنظمات الدولية، والاندماج في الاقتصاد العالمي.
ويرجع بدر الدين -في تصريح للجزيرة نت- أسباب التغيير بدرجة كبيرة إلى إخفاقات الأداء، وتدني العديد من المؤشرات الاقتصادية الكلية للبلاد، فوزير التجارة والصناعة السابق تسبب في إحراج الحكومة منذ الأيام الأولى لتوليه الوزارة إبان حكومة حازم الببلاوي بتصريحه بأن مصر أفلست، وكذلك تصريحاته بشأن صعوبات جذب الاستثمار الأجنبي إلى مصر نتيجة أزمة الطاقة، والأهم هو التراجع الملحوظ في قيمة الصادرات وحجمها، وزيادة العجز في الميزان التجاري.
يضاف إلى ذلك موضوع وزير الزراعة السابق الذي يحاكم الآن بتهم فساد في أحد أكبر مجالات الفساد، والتي تضر بالاقتصاد المحلي وبالعدالة الاجتماعية بشكل كبير، وهي الأراضي القابلة للاستصلاح، والتي يتم تخصيصها للاستصلاح الزراعي ثم تحول إلى مشروعات عقارية.
ويؤكد بدر الدين أن الأزمة الاقتصادية أكبر من الأفراد، وأن التغيير الحقيقي يتطلب نموذجا مختلفا للتنمية وليس مجرد تغيير أشخاص.
ويقول الاقتصادي محمود عبد الله إن التغييرات التي شملتها المجموعة الاقتصادية في أغلبها تستهدف استكمال منظومة الليبرالية الجديدة، إذ إن سحر نصر التي تولت حقيبة التعاون الدولي كانت خبيرة سابقة في البنك الدولي، وساهمت في العديد من مؤتمرات حكومة أحمد نظيف في تسويق مصر في إطار العولمة.
وأما طارق قابيل الذي تولى حقيبة التجارة والصناعة فهو أحد الخبراء الذي تمرسوا في شركات متعددة الجنسية، وهو متشبع بثقافة حرية السوق، وإعطاء دور أكبر للاستثمار الأجنبي المباشر.
ويعتبر عبد الله -في تصريح للجزيرة نت- أن اختيار نصر وقابيل أتى ليؤكد رغبة النظام المصري في المزيد من العلاقات مع المنظمات الدولية في الفترة المقبلة، خاصة البنك الدولي الذي قدم عدة قروض للقاهرة منذ انقلاب يوليو/تموز 2013، وكذلك السعي للحصول على الاستثمارات الأجنبية المباشرة عبر الشركات المتعددة الجنسية، والتي يأمل النظام المصري في أن ينجح قابيل في جذب المزيد منها.
وحول علاقة تغيير وزيرة القوى العاملة بالتوجه نحو الليبرالية الجديدة، بالنظر إلى أن الوزير الجديد جمال سرور أتى من أروقة الوزارة وليس من المنظمات الدولية؛ قال الاقتصادي المصري إن ملف العمالة المصرية شديد التعقيد، ومن المناسب أن يتعامل معه في هذه المرحلة أحد الملمين بطبيعة مشكلات العمل والمتمرسين مع الحركات العمالية ومشكلات النقابات.
ويضيف المتحدث نفسه أن أي تغيير مفاجئ أو صادم يحدث تغيرات كبيرة في قانون العمل ستكون له تداعيات اقتصادية واجتماعية كبيرة، لذلك جاء سرور ليساعد على إعادة الهدوء في هذا المجال، على ما به من مشكلات.