حذّر عبد الحافظ الصاوي، رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، من أنه إذا لم تُحل "أزمة" عجز الموازنة أو عدم تخصيص الموارد المناسبة لبعض القطاعات بها، عبر البرلمان أو الحوار بين الرئيس محمد مرسي والمجلس العسكري الذي يقوم بمهام البرلمان، فإن المنتظر هو فشل الرئيس في تنفيذ برنامجه الانتخابي، وبالتالي حدوث صدام بين مؤسسات الدولة.
وأضاف الصاوي، في حوار مع وكالة "الأناضول" للأنباء، أن خطة المائة يوم التي أعلنها مرسي لحل المشاكل العاجلة للشارع المصري (المرور، والنظافة، والأمن، والخبز، والوقود) لن تتأثر كثيرًا بمسألة الموازنة لأنها لا تستهدف حلولاً جذرية، وإنما تخفيف حدتها حتى الوصول لحلول خلال البرنامج الانتخابي الذي يمتد طوال الفترة الرئاسية.
وأيّد الصاوي اقتراحًا بأن يبدأ عد المائة يوم بعد تشكيل الحكومة وتغيير المحافظين وليس بداية من أدائه القسم الدستوري؛ نظرًا لعدم تمكنه من كامل صلاحياته بعد.
وموازنة العام المالي 2012-2013 أعدتها حكومة كمال الجنزوري التي عيّنها المجلس العسكري، واعتمدها المجلس في غياب البرلمان بعد حكم قضائي بحله، وقبيل تولي محمد مرسي مهام منصبه رسميًا كرئيس لمصر.
وإلى تفاصيل الحوار:
بعد مرور 17 يومًا من برنامج المائة يوم للرئيس مرسي، هل تعتقد أنه بالإمكان فعلاً حل المشكلات التي عرضها في نهاية المدة؟
مَنْ تصوّر أننا نستطيع حل هذه المشاكل بشكل نهائي في هذه المدة هو إنسان غير عاقل تمامًا، الفكرة هي وضع حلول عاجلة للمشكلات الملحة في كل محور، بحيث يشعر المواطن البسيط بحالة من السعادة والأمل، وأن يشعر بأن هناك حكومة حقيقية تهتم بمشاكله اليومية، ولديها جدية في وضع حلول جذرية لها في المستقبل.
فعلى سبيل المثال، المواطن يحتاج في المائة يوم الأولى أن يسهل عليه الحصول على إسطوانات الغاز دون إرهاق أو زيادة في التكلفة، وهذا سهل تنفيذه خلال هذه الفترة، لكن أزمة الطاقة ككل فهي بحاجة إلى إعادة هيكلة وخطط تستغرق ما بين 3-5 سنوات.
- وهل الموازنة الجديدة للدولة يمكن أن تساعدكم على إنجاز برنامج المائة يوم؟
للأسف الشديد لا علاقة للموازنة الجديدة ببرنامج الرئيس ولا خطته، وحكومة كمال الجنزوري وضعتها بدون أي رؤية ولا أي خطة، وإنما وضعتها لإفشال الرئيس والحكومة القادمة.
وأكبر كارثة موجودة بالموازنة هي قضية دعم الطاقة؛ لأنهم وضعوا لها 70 مليار دولار، والمفترض أن تكون 114 مليارًا؛ بما يعني وجود عجز يصل إلى 44 مليار دولار، وهذا العجز لا تستطيع أن تلتزم به الحكومة القادمة إلا إذا رفعت أسعار الطاقة إلى 100% أو 200%؛ وهو ما سيؤدي بالضرورة إلى ثورة جديدة هدفها إفشال الحكومة القادمة.
- في حال العمل بهذه الموازنة.. كيف سيتم تنفيذ خطة المائة يوم الأولى؟
خطة المائة لن تتأثر كثيرًا بمسألة الموازنة، وإنما المشكلة مع البرنامج بشكل عام، أما بالنسبة لتنفيذ خطة المائة يوم فالمطلوب هو تفعيل مسارات العمل التي سيتم تنفيذ خطة المائة يوم من خلالها، فالخطة تقوم على تخفيف أزمات (المرور، والخبز، والوقود، والنظافة، والأمن) وليس حلها بشكل جذري.
خطة المائة يوم بدأت منذ أدى الرئيس اليمين الدستورية في 30 الشهر الماضي، ولكن ظهرت دعوات على موقع "فيس بوك" بعدم إلزام الرئيس بها إلا بعد تشكيل حكومة جديدة أو منحه فرصة مائة يوم أخرى.. ما رأيك؟
ليس من المنطقي في ظل الوضع السياسي الراهن والأزمات الموجودة وتسلم رئيس وحزب للسلطة دون سابق تجربة أن نحاسبه على المائة يوم بداية من يوم أدائه القسم، وأرى أن يبدأ عد هذه المائة بعد تشكيل الحكومة الجديدة المنوط بها تنفيذ الخطة، وتغيير المحافظين، وتكوين الفريق الرئاسي.
فالمستهدف من الخطة أمور محلية تقوم بها المجالس المحلية التي يشرف عليها المحافظون، وحينها فقط يكون بإمكان الرئيس التحرك والعمل، ويكون لنا الحق في محاسبته وأن نتابع أداءه وأداء حكومته.
ما هي أبرز التشريعات الاقتصادية التي يهدف الحزب لإقرارها في الفترة القادمة؟
أبرز ما نحتاجه هو مراجعة الموازنة العامة للدولة، وهي أولوية مطلقة، إضافة إلى إصدار تشريعات لتهيئة المناخ لتنفيذ مشروع النهضة، المشروع الانتخابي للرئيس، ومنها تشريعات خاصة بالجهاز المركزي للمحاسبات، والبنك المركزي، وحماية المستهلك، ومؤسسة الزكاة، والبنوك الإسلامية، والتصالح مع المستثمرين، ومنع الاحتكار.
- وإلى حين حل أزمة البرلمان الحالي أو انتخاب برلمان جديد كيف ستعالجون أزمة الموازنة؟
لن يكون أمامنا إلا أن يحدث حوار بين الرئيس والمجلس العسكري لحصول الرئيس على صلاحيات لمراجعة الموازنة وحل مشكلاتها بما يتناسب مع برنامج الرئيس، وحتى يكون متاحًا للحكومة القادمة تنفيذه، وإلا فإنه لا نتيجة حينها إلا فشل الحكومة أو حدوث صدام حتمي بين المؤسسات المختلفة في الدولة.
-هل تفضّل في هذه المرحلة تشكيل حكومة ذات أغلبية من حزب الحرية والعدالة أم حكومة توافق وطني من انتماءات مختلفة؟
المرحلة الحالية تحتاج إلى أعلى درجات التوافق بين جميع القوى السياسية لإنجاح مشروع النهضة، وكما نقول دائما لا يمكن لقوة سياسية واحدة مهما كانت قوتها أن تجتاز هذه المرحلة بمفردها.
ومشروع النهضة مطروح كرؤية تسمح بالإضافة إليها والتعديل للوصول إلى رؤية تثمر حكومة توافق وطني واسع نستطيع أن نعمل عليها بشكل متكامل.
- يظهر اهتمام في تصريحات بعض قادة الحزب بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، فما الجديد الذي ستقدمونه في هذا المجال؟
هناك رؤية متكاملة للمشروعات الصغيرة في مصر، وسيعاد النظر في هذا المسار بشكل كامل، وسيتم تمويل المجتمع المدني من خلال مؤسسة الزكاة التي سنعمل على دعمها.
وأول مراحل التعامل مع هذا الملف هو إنشاء مؤسسة قومية كبرى ترعى المشاريع الصغيرة تقوم على جمع المعلومات وحصر المحتاجين لها من الأرامل، والأيتام، والمعاقين، وكذلك لابد من إقرار بعض التشريعات اللازمة.
- ما هي رؤية اللجنة الاقتصادية بالحزب لمشكلات المصانع المتعثرة؟
المصانع المتعثرة تحتاج إلى مراجعة كل حالة على حدة ومعرفة أسبابها، وهل هذا التعثر راجع إلى مشاكل قانونية بوجود أم تعثر مالي أم لأسباب أمنية.