أثار قرار صندوق النقد الدولي تقديم مساعدات لمصر في حدود خمسة مليارات دولار العديد من التساؤلات، خاصة بعد تصريح لوزير المالية د. سمير رضوان بأن مصر لن تلجأ إلى الصندوق للاقتراض، وأن لديها من الموارد المحلية ما يسمح بمعالجة ما حدث من تداعيات اقتصادية.
وجاءت تصريحات الوزير في 7 فبراير/شباط وقبل تنحي الرئيس مبارك. ولم يتضح مما تناولته وسائل الإعلام ما إذا كانت الحكومة المصرية قد طلبت هذه المساعدات أم أنه مجرد عرض من صندوق النقد الدولي.
وأكد خبير اقتصادي بالبنك الدولي رفض ذكر اسمه، أن عمل الصندوق وغيره من المؤسسات المالية أن يبحث عن مصادر تستفيد من قروضه، ليحصل في النهاية على عوائد لما لديه من أصول مالية، ومن المرجح حسب المصدر أن يكون الصندوق هو صاحب المبادرة.
وتوقع المصدر ألا تكون المفاوضات سهلة هذه المرة من قبل المفاوض المصري، إذا ما دخلت هذه المساعدات حيز التنفيذ، فالعدالة الاجتماعية وعدم المساس بالأوضاع الاجتماعية من الخطوط الحمراء التي يصعب الاقتراب منها في الوقت الحالي.
وأضاف أن المفاوض المصري في عهد مبارك كان أكثر ليبرالية من المؤسسات الدولية كالبنك والصندوق الدوليين.
من جهتها قالت أستاذة الاقتصاد بجامعة الأزهر د.كريمة كريم إن الحصول على الدعم الدولي ليس يسيرا هذه الأيام، سواء من قبل الاتحاد الأوروبي أو أميركا، فكلاهما مشغول بقضاياه الاقتصادية وترتيب البيت من الداخل.
وأضافت أن كارثة اليابان الأخيرة زادت من صعوبة الأمر على المستوى العالمي، وكذلك فإن الأحداث على الصعيد العربي، سوف تجعل المؤسسات المالية الدولية تعيد حساباتها في تقديم مساعدات أو قروض خلال المرحلة الحالية.
وترى كريمة أن مصر قد تكون مضطرة للاقتراض من المؤسسات الدولية، ومن بينها صندوق النقد، بسبب تعرضها للعديد من الخسائر الاقتصادية، ولكن ما كان معمولا به في الاقتراض من صندوق النقد تجاه مصر لن يكون مقبولا الآن.
وأشارت إلى أن الأوضاع الاجتماعية لا تحتمل، والمفاوض المصري لديه العديد من المبررات ليرفض أي أجندة لصندوق النقد تحاول المساس بقضايا الدعم مثلا، أو خصخصة المنشآت، فالثورة وضعت هذه الممارسات في القائمة السوداء للنظام السابق.
واستبعدت إمكانية توجه مصر للاقتراض من الصين، لأن الصين رغم ما حققته من نجاحات لا تعد من الدول الغنية والمستقرة، كما هو حال بعض الدول الأوروبية التي تستطيع أن تقدم القروض دون أن يؤثر هذا على اقتصادها، حسب رأيها.
وذهب د. حمدي عبدالعظيم عميد أكاديمية السادات السابق إلى أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد عرض بتقديم المساعدات من قبل صندوق النقد الدولي، كما حدث من قبل كل من الاتحاد الأوروبي وأميركا.
وأشار إلى أن رئيس الوزراء البريطاني عند زيارته لمصر صرح بأنه مفوض من الاتحاد الأوروبي بشأن النظر في تقديم مساعدات لمصر.
وأضاف عبد العظيم أن هذه المساعدات لا يجب أن تفهم على أنها منح لا ترد، بل هي قروض ولكن بشروط ميسرة تشمل معدلات فائدة أقل أو فترات سماح أطول، أو فترات أطول للسداد، كما أن مساعدات صندوق النقد عادة تكون متعلقة بمشكلات ميزان المدفوعات وتيسير التجارة، ولا تمول مشروعات.
وأكد أن صادرات مصر ووارداتها تأثرتا بشكل كبير في الفترة الماضية، كما أن قطاع السياحة أصيب في مقتل، وكل هذه العوامل سوف تؤثر سلبيا على وضع ميزان المدفوعات المصري.