تعددت شكاوى المستثمرين الأجانب في بورصة مصر من عقبة تحويل أرباحهم إلى الخارج خلال الفترة الماضية، بسبب أزمة الدولار التي تعيشها البلاد على مدار السنوات الأخيرة.
وجاءت تصريحات رئيس البورصة محمد عمران بموافقة البنك المركزي المصري بتحويل 50% من أرباح المستثمرين المتأخرة، لتؤكد على عمق الأزمة التي يعيشها المستثمرون الأجانب منذ سنوات.
ويرى الخبراء أن الأمر يمثل عقبة للمستثمرين أيًا كانت صورة تواجدهم في السوق المصرية، من خلال الاستثمارات المباشرة أو غير المباشرة، أو في صورة أفراد أو مؤسسات.
مشكلات الاستثمار الأجنبي بمصر متعددة كما يراها الخبير الاقتصادي محمود عبد الله، من حيث حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني التي تتصاعد يومًا بعد يوم، أو فقدان مصر لميزة الطاقة الرخيصة خلال السنوات الماضية.
"
قبل ثورة 25 يناير، كانت الحكومات المصرية تفخر بسهولة دخول وخروج أموال الأجانب، إلا أن هذه المشكلة عكست واحدة من معاناة المستثمرين الأجانب بعد الثورة، وخاصة منذ منتصف العام 2013
"
ويضيف عبد الله للجزيرة نت أن مشكلة صعوبة تحويل المستثمرين لأرباحهم خارج مصر، تضيف مخاوف لدى الأجانب من قرار الاستثمار في البلاد، خاصة أن مصر تعول كثيرًا على هذه الاستثمارات خلال المرحلة المقبلة.
ويوضح أن خطورة تأخر تحويل أرباح أو رؤوس أموال المستثمرين الأجانب تكمن في أن مصر لم تنجح بشكل كبير خلال العقود الماضية في جلب هذه الاستثمارات في مجالات خارج قطاع البترول، وبالتاي فإن المستثمر سيبحث عن أسواق أخرى تتيح له حرية الدخول والخروج بأمواله.
ولا يرى عبد الله حلا لهذه المشكلة إلا بعد أن تخرج مصر من مشكلة تناقص الموارد الدولارية والتي يتوقع لها أن تستمر على الأقل في الأجل المتوسط.
ويؤكد أن إجراءات البنك المركزي الأخيرة والخاصة بقبول الإيداعات والتحويل، صعبت من الأمر على المستثمرين الأجانب الذين كان يمكنهم شراء العملات الأجنبية من السوق السوداء أو من خلال شركات الصرافة، مما فاقم من حجم المشكلة.
أما الباحث الاقتصادي محمد رمضان فيرى أن المشكلة تكمن في الخسارة التي تحملها المستثمرون خلال الفترة الماضية بسبب فارق السعر نظرا لانخفاض سعر العملة المصرية، وبالتالي حين يريد المستثمر الأجنبي إخراج رأسماله أو جزء من أرباحه فسيتحمل فارق سعر العملة والذي لا يكون عادة في صالحه، مما يجعله يفقد جزءًا من أرباحه المتحققة، أو تخفيض رأسماله بقيمة فارق العملة.
غير أن رمضان يرى أن الوصول إلى إخراج نسبة 50% من الأرباح لمستثمري البورصة يعد نوعًا من الحل، وعلى البنك المركزي أن يستوفي باقي أرباح المستثمرين الأجانب، وإن كان ذلك يمثل عبئًا في المرحلة الحالية، خاصة في ظل تراجع احتياطيات النقد الأجنبي بواقع نحو مليار دولار خلال مايو/أيار الماضي.
ويفرق الباحث الاقتصادي بين أثر المشكلة على المستثمرين الأجانب بمصر في الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة، فحسب وجهة نظره قد يكون المستثمرون في مجال الاستثمارات غير المباشرة أكثر تضررًا لاحتمال تفكيرهم في الخروج من السوق المصري إلى أسواق أخرى، وفي هذه الحالة تضيع على المستثمر الفرصة البديلة.
أما من يتواجدون في مجال الاستثمار المباشر فإن مشكلتهم تظل فقط في تحويل أرباحهم أو جزء منها، لأن رؤوس أموالهم بطبيعة الحال موجودة في شكل أصول يصعب تسييلها في الأجل القصير.
لكن رمضان ينظر إلى المشكلة باعتبارها إحدى السلبيات التي تضر بمناخ الاستثمار في مصر، سواء في مجالات الاستثمار المباشر أو غير المباشر.