الرئيسية / مصر / الجنيه المصري "في الإنعاش" والفقراء "يتامى"

الجنيه المصري "في الإنعاش" والفقراء "يتامى"

  • بقلم: أ. عبد الحافظ الصاوي
  • 28-01-2015
  • 102
الجنيه المصري
  • المصدر: الجزيرة

أصبح تحديد من يوجه السياسات الاقتصادية حاليا في مصر أمرا صعبا، خصوصا أن هذه السياسيات تضاعف معاناة البسطاء ومحدودي الدخل من ارتفاع معدلات التضخم، والفقر، وإلغاء الدعم، فقد فوجئ المصريون على مدار الأيام الماضية بانهيار قيمة الجنيه في السوقين الرسمية والسوداء، فخلال أسبوع واحد فقد الجنيه عشرين قرشا في السوق الرسمية، وخمسين قرشا في السوق السوداء.
ويرى اقتصاديون أن نهج الحكومة المصرية حاليا تجاه سعر الصرف يولد العديد من المشكلات، ويحمل الفقراء المزيد من الأعباء المعيشية، ويقول أستاذ التمويل والمصرفية الإسلامية أشرف دوابة إنه لا يمكن النظر للتحركات في سعر صرف الجنيه "بمعزل عن الأداء الإجمالي لحكومة الانقلاب بمصر".

رضا الصندوق

وأضاف دوابة أن استقلال السياسة النقدية "بات حبرا على ورق، حيث أصبحت هذه السياسات خادمة للسياسات الحكومية التي تضع رضا الغرب والمؤسسات الدولية في مقدمة أولوياتها بدءا من رفع الدعم، وتخفيض سعر الفائدة، وتخفيض سعر الصرف بصورة لا يمكن تحملها".

وأشار الاقتصادي إلى تجارب سابقة لحكومات مصرية خفضت سعر صرف الجنيه "ولم يتغير الأداء الاقتصادي للأفضل بسبب عدم تمتع الجهاز الإنتاجي في مصر بالمرونة اللازمة التي تجعله يستفيد من تخفيض قيمة العملة".

وأوضح دوابة أن "تبعية حكومة الانقلاب لشروط صندوق النقد الدولي من خلال ما ينشر الأخير في هذا الاتجاه في آخر تقاريره، واتجاه الحكومة لتخفيض سعر الفائدة رغبة في تشجيع الاستثمار لن يجديا في ظل عدم الاستقرار، وسيدفعان المودعين حتما إلى الدولرة (تحويل مدخراتهم للدولار) للهروب من نفق التضخم".

وخلص إلى القول "كان من الواجب على الحكومة حاليا المحافظة على ثبات سعر الجنيه نسبيا، خاصة أن اقتصادنا يعتمد على الاستيراد لا التصدير، وهو ما سوف يزيد من تكلفة فاتورة الواردات وأعباء القروض الدولارية، ويحمي وطيس التضخم الذي يكتوي به المواطن في نهاية المطاف".

مزيد من التخفيض

أما أستاذ الاقتصاد في أكاديمية أوكلاند الأميركية مصطفى شاهين فقال إن المتتبع لحال الاقتصاد المصري "يرى أن الجنيه بانتظار موجات أخرى من التخفيض بسبب فجوة الموارد الدولارية التي تعيشها مصر على مدار السنوات الماضية حتى اقتربت هذه الفجوة من عشرين مليار دولار في عام 2013".

ويرى شاهين أن موجات التضخم بمصر سيكون لها أكثر من سبب خلال الفترة المقبلة "فالصادرات المصرية لا تغطي نصف الواردات، والاقتصاد هش ويعتمد حاليا على المنح والقروض من الخليج، ومع انخفاض أسعار البترول من المستبعد استمرار دول الخليج في إقراض الحكومة المصرية بدون رقيب أو حسيب".

كما أشار أستاذ الاقتصاد إلى أن البلاد تعاني من "تدهور حاد في عوائد السياحة، مما سيشجع على ارتفاع معدلات الهبوط الفعلي للجنيه مقابل الدولار والعملات الأجنبية الأخرى، ناهيك عن أن الوضع الداخلي من عدم الاستقرار السياسي ومحاولة الجيش السيطرة على كافة المقومات الاقتصادية سيؤديان إلى إزاحة الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي".

وتوقع شاهين أن تشهد السنوات الثلاث المقبلة مزيدا من التراجع في سعر صرف الجنيه أمام الدولار بمعدلات عالية "مهما بلغت حجم الاحتياطات النقدية الدولارية لدى البنك المركزي"، فالحكومة المصرية أنفقت نحو ثلاثين مليار دولار منذ يوليو/تموز 2012 حتى الآن، ولم يفلح هذا الإنفاق في وقف تدهور قيمة الجنيه على مدار العام ونصف العام على حد قوله.

وخلص المتحدث إلى القول إن الجنيه الآن "على أعتاب التجربة الألمانية إبان عقد العشرينيات من القرن الماضي عندما انهارت قيمة المارك الألماني آلاف المرات خلال فترة وجيزة، وكان العمال يشترطون تغيير الأجر بعد العمل، وهو ما لا يتوفر في التجربة المصرية".