الرئيسية / مصر / إمكانية التوافق بمصر على قرض النقد الدولي

إمكانية التوافق بمصر على قرض النقد الدولي

  • بقلم: أ. عبد الحافظ الصاوي
  • 08-11-2012
  • 105
إمكانية التوافق بمصر على قرض النقد الدولي
  • المصدر: الجزيرة

تم الفرز بين القوى السياسية المصرية بعد ثورة 25 يناير على الموقف من بعض القضايا السياسية الداخلية، مثل وضع الدستور أولا أم الانتخابات، ودور العسكر في الحياة السياسية.

وكانت قضية حصول مصر على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 4.8 مليارات دولار واحدة من القضايا التي تصنف على أساسها موقف القوى السياسية من الثورة، فالبعض اعتبر المؤسسة المالية الدولية من أدوات الاستعمار الغربي، وبعض آخر وضع القضية في إطار الحلال والحرام، والبعض الثالث اعتبرها ضرورة ملحة لا تملك مصر فيها خيار الرفض.

حصول مصر على قرض النقد الدولي ليس شيكا على بياض، ولكن هناك شروط وبرنامج ستلتزم بها مصر، والتخوف قائم إزاء الثمن الذي سيتحمله محدودو الدخل نتيجة تطبيق شروط الصندوق.

ونقلت وكالة رويترز أمس الأربعاء عن وزير المالية المصري ممتاز السعيد قوله إن القاهرة تتوقع التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد للحصول على قرض بحلول منتصف ديسمبر/كانون الأول المقبل، بعدما تركزت المحادثات خلال الشهر الجاري على تقليص عجز الميزانية، ووضع حد أدنى للاحتياطي من العملات الأجنبية.

توافق شعبي

يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة صالح الشيخ أن قضية القرض يتفرق فيها الرأي بعيدا عن المصلحة القومية لمصر، ولكن تبنى المواقف الآن في ظل الجدل السياسي الحالي لصالح شخص أو جماعة. وفي ظل هذه الأجواء من الصعوبة، لا يمكن توقع حدوث توافق مجتمعي بشكل عام بشأن قضية القرض.

ويؤكد استحالة وجود توافق عام في ظل هذه الأجواء، ولكن يمكن تحقيق توافق نسبي، وليس بالضرورة أن يكون بين النخب السياسية، إذ يمكن تحقيقه على المستوى الشعبي.

ويشترط الشيخ لتحقيق هذا التوافق عدة أمور، منها تبني الحكومة ومؤسسة الرئاسة حملات لمناصرة الحصول على قرض الصندوق، وتأييد الرأي القائل بضرورة حصول مصر عليه، ثم ضرورة تبني مبدأ الشفافية في ما يتعلق بالوضع المالي لمصر، ويقول إن الحصول على القرض في هذا التوقيت تفرضه متطلبات مادية ومعنوية للاقتصاد المصري.

ويضيف المتحدث نفسه أنه من الضروري أن يتم التأكيد أن اللجوء إلى القرض استثناء وليس إستراتيجية، على أن تُعلن حزمة الإصلاحات التي تتبناها الحكومة بشكل واضح لإصلاح الخلل الهيكلي للاقتصاد. ومن الأهمية بمكان -حسب وجهة نظر الشيخ- أن يصل إلى الرأي العام أن الإصلاح الهيكلي والتوجه نحو الاعتماد على الذات والاستغناء عن القروض، لن يكون في الأجل القصير، بل يمكن تحقيق جزء منه في الأجل المتوسط، وإتمامه في الأجل الطويل.

عائق الأيدولوجية

يتفق القيادي بحزب الحرية والعدالة محمد أبو العزم -وهو خبير سابق بمنظمة اليونيدو الدولية- مع صالح الشيخ في إمكانية حدوث توافق نسبي إزاء قضية الموافقة على حصول مصر على قرض الصندوق.

ويستبعد أبو العزم حدوث توافق تام على قضية القرض بسبب اختلاف المرجعيات الأيدولوجية للقوى السياسية، فالبعض يرى في المنظمة الدولية عدوا للدول النامية وأنها تتربص بمصر، ومن ثم فالأمر لا يحتاج إلى تفكير، بل لابد من الرفض.

الجانب الآخر من الأيدولوجية يراه أبو العزم في القوى السياسية التي نظرت إلى الأمر في إطار الحلال والحرام، ويقول إنه إذا استطاعت الحكومة أن تقترب من هذه القوى وتقنعها عبر الآراء التي لا ترى وجها للحرمة في هذا القرض فستغير هذه القوى رأيها بأتجاه الموافقة، لأن العنصر الحاكم في قبولها أو رفضها للقرض هو المعيار الشرعي.

ويركز أبو العزم على الدور المهم الذي تلعبه الآلة الإعلامية الآن في صناعة الرأي العام بمصر، مما يقتضي -حسب رأيه- تبني معالجة إعلامية توضح للناس حجم الديون التي تثقل الموازنة العامة، وكيف يعيق هذا الدين عمل أي إصلاحات في مجال التعليم والصحة والاستثمار.

ويؤكد أنه إذا تم هذا فسيكون من السهل تحقيق التوافق النسبي بشأن قضية القرض، وخروج الرأي العام من حالة الاستقطاب الذي تمارسه القوى السياسية، بعيدًا عن الضرورات والظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها مصر.