الرئيسية / الاقتصاد العالمي / الأوابك والدور غير المؤثر في أداء سوق النفط

الأوابك والدور غير المؤثر في أداء سوق النفط

  • بقلم: أ. عبد الحافظ الصاوي
  • 23-12-2015
  • 101
الأوابك والدور غير المؤثر في أداء سوق النفط
  • المصدر: العربي الجديد

عادة ما تعبر المنظمات أياً كانت وجهتها، عن مصالح أعضائها، بغض النظر عن المستوى الذي تمثله تلك المنظمات، ولكن "الأوابك" والتي تضم الأقطار العربية المصدرة للنفط، تمثل حالة فريدة من هذه الناحية، حيث يعبر الواقع عن تضارب المصالح بين أعضائها، ومن جانب آخر، لا وجود لهذه المنظمة من حيث تأثيرها على أداء سوق النفط.

ومؤخراً شهدت القاهرة الاجتماع السنوي للمنظمة، على المستوى الوزاري، وصدر بيان صحفي عن الاجتماع، عرج على قضايا تنظيمية إجرائية تخص المنظمة، وكذلك قضايا البيئة التي تناولها مؤتمر المناخ الذي عقد بباريس خلال الأيام الماضية، واعتماد المراجع القانوني لحسابات المنظمة، ثم حُدد ميعاد المؤتمر السنوي القادم، في ديسمبر/كانون الأول 2016 بالقاهرة.


"مستقبل "الأوابك" كمهمة ووظيفة للحفاظ على مصالح الأقطار العربية المصدرة للنفط، سيشهد المزيد من الضعف"

لم يشعر أحد بوجود الاجتماع الوزاري لمنظمة "الأوابك"، الذي انعقد بالقاهرة، الأحد الماضي، فالأسواق العالمية للنفط لم تترقب ما ستسفر عنه نتائج الاجتماع، وبالفعل، فإن ما صدر بالبيان الختامي عن الاجتماع، لم يشر إلى السياسات النفطية للدول الأعضاء، أو الحصص الواجب الالتزام بها، سواء في إطار المنظمة، أو في ضوء الاحتياجات الاقتصادية للدول الأعضاء، أو حتى التدابير التي ستتخذها الدول الأعضاء على حدة أو بشكل جماعي أمام تداعيات أزمة انهيار أسعار النفط، التي لا يعلم لها نهاية في ظل الظروف الدولية والإقليمية.

كما لم يجر الحديث عن مقتضيات تعاون دول المنظمة فيما بينها، بشأن ما يواجهونه من تداعيات سلبية بسبب أزمة أسعار النفط، وغيرها من المشكلات الاقتصادية، حيث تضم المنظمة دول العجز والوفرة، على الصعيدين النفطي والمالي.

حصة المنظمة من النفط والغاز

تضم منظمة "الأوابك" أكبر الدول العربية المنتجة والمصدرة للنفط والغاز في المنطقة العربية، وإن كان هناك تحول في وضع بعض أعضائها من دول مصدرة للنفط إلى دول مستوردة له، مثل مصر وتونس وسورية.

وحسب بيانات التقرير السنوي للمنظمة لعام 2015، فإن المنظمة تطورت حصتها من الصادرات النفطية عام 2014 إلى 16 مليون برميل يومياً، مقارنة بنحو 14.9 مليون برميل يوميًا، عام 2010.

وتعد هذه الفترة من أخصب فترات الصادرات النفطية العربية، حيث بلغت أسعار النفط ذروتها، حتى منتصف عام 2014. وتمتلك الدول الأعضاء بالمنظمة نسبة 54.4% من الاحتياطيات المؤكدة من النفط بالعالم. كما تطورت صادرات تلك الدول من مشتقات النفط من 3.3 ملايين برميل يوميًا في 2010 إلى 3.8 ملايين برميل يوميًا في 2014.

وعلى العكس كان نصيب المنظمة من صادرات الغاز الطبيعي، حيث يبين نفس التقرير أن حصة المنظمة عام 2014 وصلت 190.2 مليار متر مكعب، بعد أن كانت 210.3 مليارات، أي أن قيمة التراجع وصلت 20.1 ملياراً، وبنسبة 9.5%.

ويعود هذا التراجع لتناقص حصة الصادرات لبعض دول المنظمة، وعلى رأسها مصر التي تراجعت حصة صادراتها من الغاز الطبيعي في 2014 إلى 0.7% مليار متر مكعب، بعد أن كانت 15.3 مليارًا في 2010، وذلك بعدما تصاعدت أزمة الطاقة في مصر على مدار السنوات الخمس الماضية.

ووصلت حصة دول المنظمة من الاحتياطيات المؤكدة من الغاز الطبيعي 26.8% في عام 2014، بعد أن كانت 27.6% عام 2010. 

نسق عربي

لم يكن أداء منظمة "الأوابك" على خلاف باقي المؤسسات العربية، المعنية بالعمل العربي المشترك، حيث لا تساهم هذه المؤسسات في تغيير حياة المواطن العربي، ولا تؤدي إلى تطوير واقع الاقتصاديات العربية.


"تضم منظمة "الأوابك" أكبر الدول العربية المنتجة والمصدرة للنفط والغاز في المنطقة العربية "

ومعظم الدول العربية النفطية المصدرة للنفط وهي (السعودية، والإمارات، وقطر، والكويت، وليبيا والجزائر والعراق) أعضاء في منظمة "الأوبك"، ولا يوجد تكتل عربي داخل هذه المنظمة، التي تحولت منذ منتصف السبعينيات إلى منظمة بلا تأثير ملموس، نظرًا للدور الذي مارسته الدول الغربية في تفريغ المنظمة من مهمة الحفاظ على مصالح الدول المصدرة للنفط، سواء من خلال الأدوات الاقتصادية أو السياسية أو حتى العسكرية.

والمفترض أن منظمة "الأوابك" التي تضم الأقطار العربية المصدرة للنفط، هي من تصنع تلك المواقف الموحدة، التي تعكس حالة من التوافق العربي ووحدة المصالح والمصير، فتكون "الأوابك" هي صانعة القرار العربي في منظمة "الأوبك" التي تضم دولًا أخرى غير عربية في عضويتها.

الواقع المعيش لمنظمة "الأوابك" يطرح تساؤلًا مهماً، عن مهتمها، هل عضوية المنظمة وظيفية وترتبط بالغرض الذي أنشئت من أجله، وهو المحافظة على مصالح الأقطار العربية المصدرة للنفط؟.

وماذا عن الدول التي فقدت هذه الصفة منذ سنوات؟، هل تحتفظ بعضويتها لمجرد أنها تسدد اشتراك عضويتها بالمنظمة؟ أم أن عضوية المنظمة يجب أن تقتصر على من يحمل صفة تصدير النفط، لقد خرجت إندونيسيا من عضوية الأوبك، بعد أن تراجعت صادراتها من النفط، وأصبحت مستوردة له.

تضارب مصالح تضم "الأوابك" في عضويتها ثلاث دول تعد خارج نطاق الدول المصدرة للنفط حاليًا، وهذه الدول هي مصر وتونس وسورية، وبلا شك بعد تحول هذه الدول إلى مستورد صاف للنفط، أصبحت مصالحها في أن تستمر أسعار النفط عند مستويات منخفضة، فقد استفادت دول "مصر، وتونس، وسورية" بشكل كبير من انخفاض أسعار النفط منذ يوليو/تموز 2014، وإلا لكانت موازناتها العامة قد عانت بشكل كبير عما هي عليه الآن.

بينما باقي دول "الأوابك" يصيبها انخفاض أسعار النفط بأضرار اقتصادية بالغة، وبخاصة أن كلا من العراق وليبيا تخوض صراعات داخلية مسلحة، وتكاد تكون مؤسسات الدولة بهما شبه منهارة، وسوف تستمر هاتان الدولتان في إنتاج النفط من أجل الوفاء بالحد الأدنى من متطلبات موظفي المؤسسات العامة، وكذلك بعض الواردات الأساسية.

أما دول الخليج والجزائر، فتعيش مرحلة في غاية الصعوبة، بسبب فشلها في التوصل لحالة من التنوع الاقتصادي على مدار السنوات الماضية، ومع أزمة انهيار أسعار النفط، تعرضت هذه الدول لعجز كبير بالموازنة العامة، والسحب من احتياطيات النقد الأجنبي، وكذلك إصدار السندات المحلية، بل البعض أعلن عن عزمه الاقتراض الخارجي.

مستقبل الأوابك


"المنظمة تطورت حصتها من الصادرات النفطية عام 2014 إلى 16 مليون برميل يومياً، مقارنة بنحو 14.9 مليون برميل يوميًا، عام 2010"

مستقبل "الأوابك" كمهمة ووظيفة الحفاظ على مصالح الأقطار العربية المصدرة للنفط، سيشهد المزيد من الضعف، على الرغم من عدم وجود أي أثر للمنظمة في هذا المضمار على مدار العقود الماضية.

ولكن ضعف دور "الأوابك" سيكون مرجعه للتغير الكبير الحادث في سوق النفط، حيث تحول إلى سوق مشترين بالدرجة الأولى، وتحول البائعون إلى متغير تابع في معادلة سوق النفط الدولية، وبخاصة أن الدول المصدرة للنفط، تفتقد التنسيق فيما بينها، والبحث عن مصالح مشتركة، توحد قراراتها في مواجهة لوبي المستهلكين.

ومن المهم ذكر أن حالة الصراع القُطري التي تعيشها بعض دول "الأوابك" وكذلك حالة عدم الاستقرار العسكري والأمني التي تمر بدول المنطقة، ستضعف موقف دول "الأوابك" وتمنع أن يكون لها قرار موحد بشأن السياسات النفطية، حيث ستسعى كل دولة لتحديد سياستها النفطية بما يغطي احتياجاتها المالية، وتقليل مشكلاتها الاقتصادية والاجتماعية.

وسيأتي العام المقبل ليشهد في نهايته اجتماع وزراء "الأوابك" دون أن يحرك ساكنًا في سوق النفط الدولية، أو أن يشهد توحدا لموقف عربي مؤثر إقليميًا أو دولياً.