قبل نجاح مفاوضات إيران حول برنامجها النووي مع الدول الكبرى، كانت سياستها النفطية تركز على مطالبة منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" بالالتزام بسقف الإنتاج، وتخفيض الحصص للحفاظ على أسعار النفط، وكانت إيران ترى أن السعر العادل لبرميل النفط 100 دولار.
ولكن بعد نجاح المفاوضات وانتظار إيران لرفع العقوبات مطلع عام 2016، لم تعبأ إيران بقضية الالتزام بسقف الإنتاج، وأعلن وزير النفط الإيراني بیغن زنغنه، عقب اجتماع "أوبك" في الرابع من ديسمبر/كانون الأول الجاري، أن بلاده سوف ترفع حصتها الإنتاجية، دون الالتزام بتعليمات أي منظمة.
لم يعد سعر برميل النفط عاملًا مؤثرًا في تحديد حصة إنتاج إيران النفطية، على الرغم من تدني الأسعار إلى 36 دولارا للبرميل، وهو ما يعني تعرض الموازنة العامة الإيرانية لكثير من الضغوط، بسبب اعتماد الموازنة على الإيرادات النفطية.
ولكن على ما يبدو أن تصرف إيران فيما يتعلق بسعر النفط، مرهون بمغازلة أميركا والغرب في الحرص على انخفاض أسعار النفط بالسوق العالمية للإضرار بالاقتصاد الروسي، وسيكون الثمن الذي ستحصل عليه إيران نتيجة لموقفها الداعم لأميركا والغرب هو الحصول على استثمارات أجنبية تدعم جوانب أخرى تعوض طهران عن النقص في مواردها النفطية.
ومن المقرر أن ترفع إيران حصتها من الإنتاج اليومي، بنحو 500 ألف برميل، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار النفط في السوق العالمي، بسبب زيادة المعروض من قبل دول "أوبك" وغيرها من الدول المنتجة للنفط.
تبقى القضية في عالم الاقتصاد محسومة بالمصالح، فإذا كان الغرب وأميركا يديران معركة النفط ضد روسيا، فإن كلًا من السعودية وإيران في معسكر الغرب وأميركا أيضا، ولكنهما يتصارعان في إطار يضر بمصالحهما.
السؤال المهم الآن في ظل تبني إيران لهذه السياسة البرغماتية بسوق النفط، هو: هل ستستطيع أن تحقق مصالحها من خلال أنشطة اقتصادية أخرى تمكنها من بناء اقتصاد متنوع، وبخاصة أنها تملك مقومات ذلك؟
لقد انساق الخليج على مدار عقود خلف أميركا في مجالي الاقتصاد والسياسة، وحصد ثمارا هزيلة، فلم يستطع الخليج أن يبني اقتصادا مستقلا، أو متنوعا، أو يخلق مصالح مشتركة مع شركائه تجبرهم على استمرار دعمهم اقتصاديا فالخليج ليس أكثر من مستودع للنفط، وخزينة للتمويل للاقتصاد الأوروبي والأميركي.
التجربة الإيرانية تنتظر مسارين إما إجبار الغرب وأميركا على التعاون الطويل الأجل المبني على المصالح المشتركة، أو مزيد من التبعية.