التكنولوجيا والتراكم الرأسمالي، من أهم مقومات تحقيق التنمية، وقد ظلت إيران على ما يزيد على ثلاثة عقود مستنزفة ماديًا في حروبها، ومقاومة الآثار السلبية للعقوبات الاقتصادية، وكذلك متابعة الإنفاق على مشروعها التوسعي بالمنطقة.
لكن البعض راهن على حدوث تقدم تكنولوجي في إيران خلال العقود الماضية، وبخاصة بعد ما تحقق في برنامجها النووي، وعن أداء قطاعها الصناعي، ولكن على ما يبدو أن جزءًا من هذا الأمر غير واقعي، حيث اعتمدت البلاد على استيراد التكنولوجيا في إقامة برنامجها النووي، سواء من باكستان، أو كوريا الشمالية، أو جنوب أفريقيا.
إن التقدم التكنولوجي عسكريًا من السهل توظيفه مدنيًا، ليخرج للمجتمع في شكل منتجات تجارية، يكون لها مردودها الاقتصادي الإيجابي، ولكن إيران أعلنت مؤخرًا عن اهتمامها بشراء نحو 114 طائرة إيرباص، وأنها اتفقت على الدفعة الأولى من الصفقة مع شركة "إيرباص"، يتم تسلمها في 2019، وأن إيران بصدد تحديث أسطولها المتقادم، بسبب العجز في توفير قطع الغيار خلال الفترة الماضية.
إن الخبر الذي تناولته وسائل الإعلام، يجعلنا نضع إيران في مصاف الدول النامية، التي تعتبر عميلًا دائمًا لدى الشركات متعددة الجنسيات، التي تحتكر صناعة الطائرات، وهي في غالبيتها شركات أميركية وأوروبية.
هل اقتصرت التكنولوجيا الإيرانية خلال الفترة الماضية على تطوير منظومة الصواريخ؟ وهل سيتم توظيف ما لديها من تكنولوجيا في هذا المجال، ليخدم قطاعات صناعية معينة خلال الفترة المقبلة؟
الأيام المقبلة ستكون كاشفة، لبيان جهود إيران في منظومة التكنولوجيا، وإلى أي مدى يمكن اعتبار جهودها في هذا المضمار مثمرة، ويمكن الاعتماد عليها.
أما أن يعلن عن استيراد الطائرات، وأن أسطولها المتقادم بحاجة لقطع غيار! فهذا أمر يحتاج إلى إعادة نظر، ولا يجعلنا نفرق بين إيران ودول الخليج مثلًا، فكلاهما مستورد للتكنولوجيا وغير منتج لها.
هل اقتصرت التكنولوجيا الإيرانية على صناعة الفولاذ، وصناعة السيارات؟ فإذا كان الأمر كذلك فبين إيران واللحاق بركب الدول الصاعدة بون شاسع.
وهل ستمر إيران بنفس خطوات الدول الصاعدة إذا أريد لها ذلك، بالبدء بالصناعات التقليدية، ثم الصناعات الكهربائية والإلكترونية، ثم الصناعات عالية التكنولوجيا؟
الوقت ليس في صالح إيران إذا ما نهجت هذا النهج، ما لم يكن هناك اتفاق على دور محدد لها. فهل الحديث عن البناء التكنولوجي لإيران كان ضربًا من الخيال؟